-171- معه ، وليس على الخصم بحيلة أن يخرج يسمع البينة له ولا عليه ، وله أن يوكل وله أن لا يوكل ، فيسمع الحاكم عليه البينة ، فالبينة والشهود هم أولى بالخروج حتى يؤدوا ما عليهم من حق الله وحق المسلمين في قولكم ، وليس ذلك بلازم للشهود في حكم الحق فى الأحداث ، في وجه من الوجوه ، ولا على الحاكم ولا على الخصم ، ولا على المسلمين السالمين من ذلك ، ولا نعلم في ذلك اختلافا ، ولو كان ذلك على المشهود لما قدروا على ذلك بحيلة ، وما لم يقدروا عليه فلا يلزمهم بحيلة ، لإلزامهم لذلك ضلال وبدعة ، وإنما أردنا بهذا احتجاجا على هذه الملبسة المتكلفين ومن قال بقولهم من المتعسفين .
فصل : فان قال قائل من المتعنتين : إن على الشهود على الأحداث الواقعة في المصر ، الخروج في إقامة الحجج على أهل المصر ، حتى يقيموا على كل واحد في ذات نفسه الحجة .
قلنا له : من أي وجه لزمهم ذلك ولم يسعهم إلا الخروج فيه إذا قدروا عل الخروج فيه .
فان قال : من طريق أنهم عالمون بشهادة الله عليهم ، لا يسعهم كتمانها ، وقد قال - تعالى - : (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون )(1) .
قلنا له : يجب على الشهود الخروج من الشهادة ، قبل أن يستشهدوا أو حتى يستشهدوا .
فان قال : قبل أن يستشهدوا ، خرج من الإجماع .
وان قال : حتى يستشهدوا .
-172-
__________
(1) - جزء الاية (140) سورة البقرة .
مخ ۱۷۲