قيل له : يكفي العاقل من بعض هذا الذي قد ظهر منك ، وقد كفى خصمك مؤنتك إن شاء الله ، فلو كان المتعبد يعرف معنى الجملة حتى يصفها ، لكان علم ذلك يلزمه من غير سؤال يهلكه بجهل ذلك ، إذا بلغه علمه وسمع به على حال ، ولم ينفس في ذلك في سؤال ، فكان عليه علم ذلك معا كلمح البصر ، ولو لم يكن في حضرته أخذ من البشر ، إذا خصه ذلك وعلمه بخبر أو قراءة من رسم كتاب أو أثر ، أو غير له ذلك جميع من كان ممن غير ، ولو امتحنه الله بذلك بلسان طائر ، عقل عن لسانه ذلك ، أومن بهيمة من البهائم ، أومن نعمة من النعم ، لا يعرف من نطق بها ولا من تكلم بها ، فهذا كله حجة عليه ، إذ قد بلغ علم ذلك وخبره إليه ، فكيف تقول أن عليه السؤال ، فعن ماذا يسأل ، وكيف يبلغ من لا يتولاهم شيئا ، ولا يعيره أن يسأل عنه ، فكيف يسأل عنه ؟
فصل : فإن قال : يسأل عن دينه .
قلنا له : وعلى الجاهل بالشيء ، المعذور عنه ، أن يسأل عنه ، وله الإقامة عليه ، أو لا تسعه الإقامة عليه ؟
فإن قال : لا تسعه الإقامة عليه ، وهو هالك بجهله .
قلنا له : فقد كلفته ما لا يطيق ، والله -تبارك وتعالى -لم يكلف العباد من دينه ما لا يطيقونه ، إنما كلفهم ما أطاقوه من جميع الأشياء كلها ، من العلم والعمل والترك ، فإن كان تسعه الإقامة على ذلك فلا سؤال عليه فيه ، وإن كان لا تسعه الإقامة عليه ، فقد كلف ما لا يطيقه ، مع أنه إذا أعطيت القياد في قولك هذا ، إذ قلت إذا لم يعرف الجملة ليسأل عنها ، فعليه أن يسأل عن دينه .
مخ ۱۹