انتشار خط عربي
انتشار الخط العربي: في العالم الشرقي والعالم الغربي
ژانرونه
ويكتب أهل المغرب من البربر وغيرهم بالخط العربي منذ أواخر القرن الأول للهجرة؛ أي من الوقت الذي اعتنقوا فيه الإسلام آخر مرة، بعد أن دوخوا أهله؛ وذلك لأن البربر قوم أشداء، وهم قبائل شتى مثل قبائل العرب الرحل، وقد قاسى المسلمون في إخضاعهم عذابا شديدا؛ لأنهم ارتدوا عن الإسلام اثنتي عشرة مرة، وثبتوا فيها كلها على عداوة المسلمين، ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير في أواخر القرن الأول للهجرة، وللبربر فضل كبير في نشر الإسلام بأواسط أفريقيا، مثل فضل الأتراك في نشره بأواسط آسيا إلى الهند والصين؛ لأن البربر لما ثبت الإسلام فيهم نهضوا لفتح ما وراء بلادهم في أفريقيا الغربية، فنشروا الإسلام هناك.
وأهل المغرب يكتبون القاف بصورة الفاء، والفاء بصورتها، ولكنهم يضعون نقطتها من تحت هكذا «ڢ»، ويصورون الدال والذال هكذا « » (انظر شكل
2-5 )، ويزيدون على أحرف الهجاء العربي: «ك» فوقها ثلاث نقط، و«ڮ» تحتها ثلاث نقط، و« » جيم فوقها ثلاث نقط، و«ڤ» فاء فوقها ثلاث نقط ، وكلها تلفظ كالكاف الفارسية، وتسمى هذه الأحرف «بالجاف البربرية»، وخطهم يسمى بالخط المغربي، وسنأتي على تاريخه هنا ، وهم يميلون كالترك بالضاد في النطق نحو الظاء، وترتيب حروف الهجاء عندهم مخالف لترتيبها عندنا (انظر: [فذلكة في تاريخ الخط العربي: (4) الأحرف الخاصة بالعربية واللغات الأخرى]).
تاريخ الخط المغربي وفروعه
الخط المغربي هو من أهم أنواع الخطوط العربية وأقدمها عهدا وأكثرها انتشارا، فهو منتشر الآن في جميع أنحاء أفريقيا الشمالية (غير مصر) وبعض جهاتها الوسطى والغربية، وقد كان مستعملا في إسبانيا في القرون الوسطى (شكل
2-6 )، ولم يزل كذلك حتى أوائل العصر الحديث، كما سيأتي في الكلام على «انتشار الخط العربي قديما بأوروبا».
شكل 2-6: الخط المغربي الأثري. هذه الكتابة مأخوذة من قصر الحمراء بالأندلس (
A Dictionary of Islam, by T.P. Hughes P.688, London 1885 )، وهاك تفسيرها: «يا وارث الأنصار لا عن كلالة تراث جلال تستخف الرواسيا.»
والخط المغربي مشتق من الخط الكوفي القديم، وأقدم ما وجد منه لا يرجع إلى ما قبل سنة ثلاثمائة للهجرة (912م)، وقد كان يسمى هذا الخط «بخط القيروان» نسبة إلى القيروان عاصمة المغرب بعد الفتح الإسلامي المؤسسة سنة 50ه/670م، فقد اكتسبت هذه المدينة أهمية سياسية كبرى عندما انفصل المغرب عن الخلافة العباسية، وصارت عاصمة الدولة الأغلبية ومركز المغرب العلمي لإنشاء جامعتها الكبرى، فتحسن بها الخط المغربي تحسينا عظيما وعرف بها.
ولما انتقلت عاصمة المغرب من القيروان إلى الأندلس ظهر فيه خط جديد سمي «بالخط الأندلسي أو القرطبي»، وهو مستدير الشكل بعكس خط القيروان الذي كان مستطيله أبدا، وقد ذكر ابن خلدون في المقدمة أن الخط الأندلسي انتشر بشمال أفريقيا فتغلب على الخط الأفريقي، وعفا عليه ونسي خط المهدية، حتى إذا تقلص ظل الدولة الموحدية بعض الشيء نقص حال هذا الخط، وفسدت رسومه، وزاد أيضا أنه في دولة بني مرين «صارت الخطوط بإفريقية والمغربين مائلة إلى الرداءة بعيدة عن الجودة، وصارت الكتب إذا انتسخت فلا فائدة تحصيل لمتصفحها منها إلا بالعناء والمشقة؛ لكثرة ما يقع فيها من الفساد والتصحيف وتغيير الأشكال الخطية عن الجودة، حتى لا تكاد تقرأ إلا بعد عسر»، ويقصد ابن خلدون طبعا بهذا الخط المتأخر تاريخا هو خط مراكش المسمى «بالخط الفاسي» نسبة إلى فاس ثالثة عواصم المغرب العلمية، مع أنه لو قورن بالخط الإسبانيولي لظهر حقيقة أنه أردأ منه، إلا أن هذا لا يمنع من أن يكون حكم ابن خلدون قاسيا جدا؛ فإن الخط الفاسي المستعمل في الكتب ليس فقط يمكن قراءته، بل هو جميل غالبا.
ناپیژندل شوی مخ