فيجوزُ» . وهذا نصٌّ في ذلك.
وخرَّج الترمذي (١) عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «إن المرأة لتأخذ للقوم»، يعني: تجير على المسلمين. قال فيه: حسن غريب.
ومستند من منع تأمين المرأة يحتمل أن يكون لأنها ليست من أهل القتال، فلم يكن لها تصرف في الأمان، وتأويلهم في حديث أم هانىء، قالوا: لو كان تأمينها جائزًا على كل حالٍ دون إذن الإمام؛ ما أراد عليٌّ قتل من أمَّنتْهُ، وهو قد حرُم بتأمينها دمُه. قالوا: ولو كان كذلك؛ لقال رسول الله ﷺ في الجواب عن ذلك قولًا مُسْتقلًاّ يعمُّ أمانَ النساء، وإنما جاوبها على الخصوص في ذلك، إنما قال: «قد أجَرنا من أجرتِ، وأمَّنَّا من أمنتِ»، فهو دليل على أن أمان المرأة موقوفٌ على إجازة الإمام أو ردِّه، وذلك من تأويلهم واستدلالهم ضعيف، لا يُقْدَمُ بمثله على ردِّ الأخبارِ الثابتة. وأيضًا، فيقال في الردِّ على ما أوَّلوه من حديث أم هانىء:
أمَّا عليٌّ ﵁، فيحمل على أنه لم يكن بَعْدُ عَلِمَ الحكم في ذلك حتى علَّمه رسول الله ﷺ، الذي بعثه الله مبيِّنًا ومعلِّمًا للناس أجمعين.
وأما قوله ﷺ: «قد أجرنا من أجرتِ، وأمَّنا من أمنتِ»، ولم يقل قولًا يعمُّ أمان جميع النساء، فهذا لا يلزم؛ لأن في غير هذا الحديث ما يدلُّ عليه، وأما هنا
= ٤٥٣)، وعبد الرزاق (٥/٢٢٣ رقم ٩٤٣٧)، والطيالسي (١/٢٤٠- «منحة المعبود»)، وسعيد بن منصور (٢/٢٥١ رقم ٢٦١١)، وابن المنذر في «الأوسط» (١١/٢٦١ رقم ٦٦٦٨)، والبيهقي (٩/٩٥)، وفي «معرفة السنن والآثار» (١٣ رقم ١٨١١٥)، وهو صحيح.
(١) في «جامعه» في كتاب السير (باب ما جاء في أمان العبد والمرأة) (رقم ١٥٧٩) .
وأخرج نحوه ابن أبي شيبة (١٢/٤٥٥)، أحمد (٢/٣٦٥)، وابن عدي في «الكامل» (٦/٢٠٨٨)، والحاكم (٢/١٤١)، والبيهقي (٩/٩٤)، وابن عبد البر في «الاستذكار» (١٤/٩٠ رقم ١٩٥٠٨) .
ولفظ أحمد: «يُجير على أمتي أدناهم» .
وقال الترمذي: حسن غريب. وسألت محمدًا (يعني: البخاري) فقال: هذا حديث صحيح.
وانظر: «صحيح سنن الترمذي» لشيخنا الألباني -رحمه الله تعالى -.