293

منهم، وعرف رأيهم فيها[ (1) ]. قال يا غلام: قل للقاضي يمضيها على ما قال أمير المؤمنين عثمان[ (2) ].

قال الشعبي: ودخلت عليه الترك، قد شدوا أوساطهم بعمائهم، وانتزعت السيوف من أعناقهم وأخذوا الطوامير[ (3) ]بأيمانهم، فدخل عليه رجل[ (4) ]من قبل أمير المؤمنين عبد الملك. فقال له الحجاج: كيف تركت أمير المؤمنين وأهله وولده وحشمه؟فأنباه عنه وعنهم بصلاح. فقال: ما كان وراءك من غيث؟قال:

نعم، أصلح الله الأمير، أصابتني سحابة في موضع كذا، فواد سائل، وواد تارع[ (5) ]، فأرض مدبرة، وأرض مقبلة، حتى صدعت عن الكمأة أماكنها، فما أتيتك إلا في مثل مجرى الضب[ (6) ]. فقال للحاجب: ائذن للناس فدخل عليه رجل أتاه من قبل نجد[ (7) ]. فقال له: ما كان وراءك من غيث؟فقال: كثير الإعصار، واغبر البلاد، وأكل ما أشرف من الحشيشة، فاستيقنا أنه عام سنة.

فقال: بئس المخبر أنت. قال: أخبرتك بالذي كان. فقال للحاجب: ائذن للناس، فدخل عليه رجل أتاه من قبل اليمامة. فقال: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم. وسمعت الرواد يدعون إلى ريادها، وسمعت رائدا يقول: هلموا[ (8) ] أطعمكم محلة تطفو فيها النيران، وتشتكي فيها النساء، وتنافس فيها المعز. فقال له: ويحك، إنما تحدث أهل الشام فأفهمهم. فقال: أصلح الله الأمير، أما تطفوا النيران، فيستكثر فيها الزبد واللبن والتمر، فلا توقد نار[يختبز بها]، وأما أن يشتكي النساء: فإنه من جذبها على إبريق لبنها فتظل تمخض لبنها فتبيت ولها أنين من عضديها، وأما تنافس المعز: فإنها ترأم من نوار النبات وألوان الثمر ما يشبع بطونها، ولا يشبع عيونها، فتبيت، وقد امتلأت أكراشها، لها من الكظة [ (1) ]انظر ما جاء في أقوالهم مروج الذهب 3/176 العقد الفريد 5/33.

[ (2) ]وكان رأي عثمان بن عفان: أن جعلها أثلاثا.

[ (3) ]في العقد: «وكتبهم» والطوامير جمع طومار وهو الصحيفة.

[ (4) ]في العقد: من بني سليم واسمه شبابة بن عاصم.

[ (5) ]في العقد 5/34: نازح.

[ (6) ]في العقد: وجئتك في مثل وجار الضبع (انظر اللسان: وجر) .

[ (7) ]في العقد: من بني أسد.

[ (8) ]في العقد: هلموا ظعنكم إلى محلة تطفأ فيها النيران.

مخ ۵۸