الوجه الثاني عشر: أنه من المعلوم المستفيض عند أهل التفسير، خلفا عن سلف، أن هذه الآية نزلت في النهي عن موالاة الكفار، والأمر بموالاة المؤمنين، لما كان بعض المنافقين، كعبد الله بن أبي، يوالي اليهود، ويقول: إني أخاف الدوائر. فقال بعض المؤمنين، وهو عبادة بن الصامت: إني يا رسول الله أتولى الله ورسوله، وأبرأ إلى الله ورسوله من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم.
ولهذا لما جاءتهم بنو قينقاع وسبب تآمرهم عبد الله بن أبي بن سلول، فأنزل الله هذه الآية، يبين فيها وجوب موالاة المؤمنين عموما، وينهى عن موالاة الكفار عموما. وقد تقدم كلام الصحابة والتابعين أنها عامة لا تختص بعلي.
الوجه الثالث عشر: أن سياق الكلام يدل على ذلك لمن تدبر القرآن، فإنه قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين } [المائدة: 51] فهذا نهي عن موالاة اليهود والنصارى.
ثم قال: { فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دآئرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده } { فأصبحوا خاسرين } [المائدة: 52، 53]. فهذا وصف الذين في قلوبهم مرض، الذين يوالون الكفار كالمنافقين.
مخ ۲۳