ثم قال: {ا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لآئم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم } [المائدة: 54] فذكر فعل المرتدين وأنهم لن يضروا الله شيئا، وذكر من يأتي به بدلهم.
ثم قال: { إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون } [المائدة: 55، 56].
فتضمن هذا الكلام ذكر أحوال من دخل في الإسلام من المنافقين، وممن يرتد عنه، وحال المؤمنين الثابتين عليه ظاهرا وباطنا.
فهذا السياق، مع إتيانه بصيغة الجمع، مما يوجب لمن تدبر ذلك علما يقينا لا يمكنه دفعه عن نفسه: أن الآية عامة في كل المؤمنين المتصفين بهذه الصفات، لا تختص بواحد بعينه: لا أبي بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا غيرهم. لكن هؤلاء أحق الأمة بالدخول فيها.
الوجه الرابع عشر: أن الألفاظ المذكورة في الحديث مما يعلم أنها كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن عليا ليس قائدا لكل البررة، بل لهذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا هو أيضا قاتلا لكل الكفرة، بل قتل بعضهم، كما قتل غيره بعضهم. وما أحد من المجاهدين القاتلين لبعض الكفار، إلا وهو قاتل لبعض الكفرة.
وكذلك قوله: "منصور من نصره، مخذول من خذله" هو خلاف الواقع. والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقا، لا سيما على قول الشيعة، فإنهم يدعون أن الأمة كلها خذلته إلى قتل عثمان.
مخ ۲۴