345

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

ژانرونه

وأما الكشف: فنحن وغيرنا من العقلاء نقول: أن إدخاله واثبات الأحكام وقواعد الإسلام ضلال وهيام وتهور في الأوهام، إنما يثبته أمثالك في مثل هذا المقام، ونحن لا ننكر أن الله تعالى قد يطلع بعض خواص الأنام على بعض المغيبات بطريق الكرامة والإلهام على جهة الندرة في بعض الليالي أو الأيام، أما كونه -أي الكشف- الذي تدعونه سببا من أسباب العلم بالأحكام الدينية التي تبليغها إلينا من وظائف الرسالة بحيث تجعل قسما للخبر الصادق فدونه خرط القتاد، وإنزال الشوامخ الرواسي إلى الأوهاد، ثم نقول: أنتم قد صرحتم مرارا فيما سيأتي بأن عليا كرم الله وجهه في الجنة رأس المكاشفين ورئيسهم، وصرحتم بأن العلم الذي هو باب مدينته أعم من المكاشفة وعلم المعامل، ونحن وأنتم نعلم أنه قد قال: كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا، وأنه تأخر عن المبايعة ليالي وأياما، وأنه إنما صرع بعد موت فاطمة رضي الله عنها ومشاهدته لا نصراف وجوه الناس عنه كما ثبت ذلك في أصح الكتب عندكم بعد كتاب الله تعالى، وحينئذ فيجب عندكم وعندنا أنه كرم الله وجهه في الجنة لا يطلب الخلافة ولا يتأخر عن المبايعة تلك المدة كلها إلا لدليل وإلا لم يكن رأسا للمكاشفين ورئيسا لهم، ولم يكن بابا لمدينة علم المكاشفة وعلم المعاملة ولم يكن معصوما عندنا واللازم باطل فالملزوم مثله، وحينئذ فيجب أن يكون مستندا في ذلك إلى الدليل، فإما أن يكون ذلك الدليل نقليا أو كشفيا أو عقليا على طريقتكم في هذه القسمة، فإن كان نقليا أو كشفيا لم يكن أبو بكر مستحقا للخلافة بالنقل الصحيح أو الكشف الثابت عند رأس المكاشفين ورئيسهم، وإن كان عقليا فقد سبق أن دليل الإمامة من العقل مبني على الحسن والقبح عقلا، فيكون علي قائلا بذلك، ولا يكون قائلا به إلا وقد قال به من هو باب لمدينة علمه عليه وعلى آله الصلاة والسلام لكنكم قد قلتم فيما سيأيي أن القول بذلك يستلزم الكفر فإما أن تعترفوا بانقلاب الكفر عليكم أو تقولوا أنه لازم لمن قال بالحسن والقبح عقلا، إن اعترفتم بالأول فذاك، وإن قلتم بالثاني فكذلك يلزمكم الكفر الصريح لا محالة، فانظروا ماذا فادكم ذكركم لهذه القسمة وادخالكم للكشف فيها تبجحا في غير موضعه، بل هو سقوط في الحضيض وخلط للصحيح بالمريض، ثم لا يخفى أنه لا طريق إلى ثبوت الشيء بالكشف إلى إلا اخبار صاحب المكاشفة، بأنه أدركه بالكسف لكنه إذا لم يكن معصوما فلا يحكم بأنه أدركه بالكشف حتى يحكم له بأنه صاحب مكاشفة، فلو استفيد ذلك من اخباره لزم الدور المحال.

مخ ۳۹۱