346

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

الاحتراس عن نار النبراس المجلد الأول

ژانرونه

وأما إخباره عن بعض المغيبات فلا يفيد الحكم بأنه صاحب مكشافة لجواز كونه بقوة النفس أو الرمل أو باخبار الجن والشياطين، وقد ذكروا في التواريخ عجايب لأرباب الكهانة، ونحن أيضا قد أدركنا من يخبر عن بعض المغيبات وهو بمعزل عن الخير والصلاح ومعترف بأنه ليس من قبيل المكاشفة، وإنما يدعي أنه مستند إلى علم الفلك وما أظنه إلا كهانة وشعبذة، فظهر ضلال المعترض في ادخاله للكشف تلبيسا للحق بالباطل، ولا يقال أنه ما أتبى به إلا لكون القمسة تقتضيه لا لكونه يعتبره ويرتضيه ويرتضيه، تقتضيه [16] ممنوع لا طباق الأولين والآخرين على أن الدليل الذي يعتمد عليه في اثبات المطالب والأحكام إما عقلي أو نقلي ولا ثالث لهما إلا المركب منهما ومرجعه إلى النقلي على ما قيل من أن المركب من العقلي والنقلي نقلي، فهذا الكلام من المعترض مخالف لما أطبق عليه الأولون والآخرون من الفريقين وغيرهم.

وأما كونه يعتبره ويرتضيه فكلامه فيما سيأتي في هذا الكتاب وسائر مؤلفاته ناطق باعتباره له وإطمئنانه واعتماده عليه، فليت شعري ماذا يقول: لو جاءه مدع للكشف من أوليائهم الشافعية، وقال له قد ثبت عنده بالكشف أن البسلمة آية من الفاتحة ومن كل سورة، وأنه يجب الجهر بها في الصلاة الجهرية ثم جاءه مدع للكشف عن أوليائهم الحنفية، وقال له: قد ثبت عنده بالكشف الصحيح أنها أي البسملة ليست آية في كل سورة، أو لا يجهر بها في الجهرية فمن الذي يعمل بقوله وكشفه من هذين الوليين المكاشفين، بل لو ادعى أحدهما الكشف بثبوت الحسن والقبح عقلا كما هو رأي الحنفية، وادعى الآخر كشفا بانتفائهما كما هو رأي الشافعي فمن ذا يقبل منهما، ومن يطرد قوله عن مقاعد السمع، ونظائر ذلك لا تحصى ولا تستقصى.

مخ ۳۹۲