وقد نهى عن ذلك في الحديث عن أبي عبيدة عن مسلم لجابر رضي الله عنهما قال: بلغني عن رسول الله صاى الله عليه وسلم أنه قال: ( رجلان يعذبان في القبر ولا يعذبان على كبير. أما أحدهما فإنه لا يستبرئ من البول والغائط، وأما الثاني فالذي يمشي بين الناس بالنميمة ) (رواه الجماعة بلفظ آخر)، والعقوبة لا تكون على ترك الفريضة، فإن قال قائل، ولعله إنما نهى عن رد السلام في تلك الحالة لأن السلام اسم من أسماء الله وقد روي أن النبي عليه السلام نهى أن يذكر اسم الله على الخلا([9])، قيل له: ولو كان السلام اسم من أسماء الله عز وجل فرد السلام جواب لمن سلم، والدليل ما روي أن النبي صاى الله عليه وسلمقال: ( لا يسلم من كان في الصلاة ولا على من كان في بول أو غائط ولا على كل مشتغل على الجواب ) فقد جعله من الكلام، وجعله مشغولا بتلك الحالة، وكذلك لا يقرأ القرآن عند حاجة الإنسان لما ذكرنا، ولما روي أيضا عن جابر قال: قال رسول الله صاى الله عليه وسلم: ( في الجنب والحائض والذين لم يكونوا على طهارة لا يقرأون القرآن ولا يطئون مصحفا بأيديهم حتى يكونوا متوضئين، وليرتد لبوله مكانا سهلا، لما روي عن جابر عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صاى الله عليه وسلم بينما هو يمشي في الطريق إذ مال إلى دمث فبال وقال: ( إذا بال أحدكم فليرتد لبوله ) رواه أحمد وأبو داود.
والدمث([10]): المكان السهل اللين وقوله ( فليرتد لبوله ) يعني أن يرتاد مكانا لينا ليس بصلب فينضح عليه أو مرتفع فيرجع إليه ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ببول ولا غائط. والناس في استقبال القبلة واستدبارها على ثلاثة أقوال: قول أنه لا يجوز([11]) استقبال القبلة ولا استدبارها ببول ولا غائط أصلا ولا في موضع من المواضع، وقول إنه يجوز على الإطلاق([12])، وقول: يجوز في المباني([13]) ولا يجوز في الصحاري وغير المدن والمباني.
مخ ۷