وقال بعض أصحابنا: إن وطء في الحيض تاب واستغفر، وإن عاد تاب، وإن عاد تاب، وإن عاد في الرابعة حرمت عليه لأن هذا معاند فأحرى أن تحرم عليه، وسبب الخلاف عندي هل النهي يدل على فساد المنهي عنه أم لا؟ والله أعلم، قال بعضهم: يدل، وقال آخرون: لا يدل، وإن وطئها قبل أن تغتسل وقد طهرت فهي عندهم كمن وطئها في الحيض، وحكمها حكم الحائض ما لم تغتسل لقوله تعالى: { ولا تقربوهن حتى يطهرن } أي يرين الطهر { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } أي يغتسلن بالماء الطاهر، وفي الأثر([12]): في امرأة كانت في رمضان فحاضت فرأت الطهر بليل وتبين لها ذلك فأخذت في الغسل ولم تفرغ منه حتى أصبح، هل يتم لها صومها ذلك اليوم أم لا؟ قال: لا فقلت له : هل لها أن تأكل في ذلك اليوم أم لا؟ قال: لا يستحب لها الأكل وإن أكلت فلا أرى عليها بأسا، وهي مثل التي رأت الطهر في يوم فاغتسلت لا يستحب لها الأكل/ وإن أكلت فلا بأس.
وفي الأثر: وإذا جاوزت الحائض ثلاثة أيام وأرادت أن تسافر أو تنتقل على الماء فإنها تغسل جسدها([13]) إلا الاستنجاء، فإنها لا تستنجي وتقعد على رجليها وتضم جسدها، كذلك تغتسل، والنظر يوجب عندي أن لا تحرم عليه إذا وطئها قبل أن تغتسل، ولا يكون حكمها كحكم الحائض بعد ما طهرت، لأنها يطهرها صاع من الماء، والحائض لا تطهر ولو اغتسلت في البحر، والواطئ في الدم مرتكب لنهي الله تعالى بالإجماع، والواطئ في الطهر قبل أن تغتسل اختلف الناس فيه، وذلك أن قوله تبارك وتعالى: { ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } اختلف الناس في تأوليه، فبعض حمل قوله: (( فإذا تطرهن فأتوهن )) على أنه النقاء، وحمله بعضهم على أنه الغسل، وهو قول الجمهور وذلك أن التطهر([14]) إنما ينطلق على ما يكون من فعل المكلفين لا على ما يكون من فعل غيرهم.
مخ ۲۶۰