وتحالفوا على ذلك فولى الرفادة والسقاية هاشم ، وكان عبد شمس سفارا مقلادا ، ولد ، وكان هاشم موسرا ، وهو أول من سن الرحلتين لقريش ؛ رحلة الشتاء ، ورحلة الصيف ، وهو أول من طعم الثريد بمكة ، واسمه عمرو ، وإنما سمى هاشما لهشمه الخبز وثرده لقومه.
كما قال القائل :
عمر والذى هشم الثريد لقومه
ورجال مكة مسنتون عجاف
ثم هلك هاشم بغزة من أرض الشام تاجرا ، فولى السقاية والرفادة بعد عمه المطلب ؛ فأقام لقومه ما كانت تقيمه آباؤه من قبله ، وشرف فى قومه شرفا لم يبلغه أحد من آبائه ؛ فأحبه قومه ، وعظم خطره فيهم.
وكان أكبر أولاد الحارث لم يكن أول أمره غيره ، وبه كان يكنى ، فقال له عدى بن نوفل بن عبد مناف : يا عبد المطلب أتستطيل علينا وأنت فذ لا ولد لك؟ فقال له عبد المطلب : أو بالقلة تعيرنى؟ فو الله لئن أتانى الله عشرة من الولد لأنحرن أحدهم عند الكعبة.
فلما كمل له عشرة ، جمعهم ثم أخبرهم بنذره ، ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك فأطاعوه ، وقالوا له : أوف بنذرك ، وافعل ما شئت ، قال : ليأخذ كل واحد منكم قدحا ، فيكتب فيه اسمه ، ثم ائتونى ، ففعلوا ، ودخلوا على هبل وهو صنم كان يعبد فى جوف الكعبة فقال عبد المطلب لصاحب القداح : اضرب على هؤلاء بقدحهم.
فأعطاه كل واحد قدحه ، وكان عبد الله بن عبد المطلب أصغرهمم سنا وأحبهم إلى والده ، ثم ضرب صاحب القداح ؛ فخرج السهم على عبد الله ، فأخذه عبد المطلب بيده ، وأخذ الشفرة ، ثم أقبل به على إساف وهو صنم كان على الصفا ليذبحه عنده ، فجذب العباس عبد الله من تحت رجل أبيه حتى أثر فى وجهه شجة ولم تزل فى وجه عبد الله إلى أن مات ، فقامت قريش فى أنديتها ، وقالوا : لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتى بابنه يذبحه فما بقى الناس على هذا ؛ ولكن أعذر فيه فنفديه بأموالنا.
مخ ۸۱