وأما اللواء : فراية يلوونها على رمح ؛ فينصبونها علامة للعسكر إذا توجهوا إلى محاربة عدو ؛ فيجتمعون تحتها ويعاملون عندها.
والقيادة : إمارة الجيش إذا خرجوا إلى حرب ؛ وهذه كلها اجتمعت فى قصى.
فلما كبر سنه وضعف بدنه ، قسمها بين أولاده ، وكان عبد الدار أكبر أولاده ، وكان لعبد مناف شرف فى زمان أبيه ، فقال قصى لعبد الدار : لألحقنك يا بنى بالقوم وإن شرفوا عليك ، فأعطاه الحجابة وسلم إليه مفتاح البيت ، وقال : لا يدخل رجل منكم الكعبة حتى يكون أنت تفتحها له ، وأعطاه السقاية واللواء ، وقال : لا يشرب أحد إلا من سقايتك ، ولا يعقد لواء لقريش لحربها إلا أنت بيدك ، وجعل له الرفادة ، وقال : لا يأكل أحد من أهل الموسم طعام إلا طعامك ، فكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش من أموالها فى كل موسم فتدفعه إلى قصى فيصنع به طعاما للحجاج ؛ فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد ، وكان قصى فرض ذلك على قريش حين جمعهم ، وقال لهم : يا معاشر قريش إنكم جيران الله ، وأهل حرمه وأهل بيته ، وإن الحجاج ضياف الله ، وزوار بيته ، وهم أحق الأضياف بالكرامة ، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحاج حتى يصدر عنكم.
فجعل قصى حكما كان بيده من أمر قومه إلى عبد الدار ، وكان قصى لا يخالف ، ولا يرد عليه شىء صنعه ؛ لعظم شأنه ، ونفاذ سلطانه.
قال ابن إسحاق : «إن قصيا هلك فأقام على أمره بنوه ممن بعده ، ثم إن بنى عبد مناف ؛ هاشما وعبد شمس والمطلب ونوفلا أجمعوا على أن يأخذوا ما بيدى بنى عبد الدار من الحجابة واللواء والسقاية والرفادة ، ورأوا أنهم أولى بذلك منهم ، لشرفهم عليهم وفضلهم».
وتفرقت قريش ، وكانت طائفة منهم يرون أن بنى عبد مناف أحق من بنى عبد الدار ، وطائفة يرون إبقاء بنى عبد الله على ما جعله قصى لأبيهم ، فأجمعوا على الحرب ، ثم اصطلحوا على أن تكون السقاية والرفادة لبنى عبد مناف.
مخ ۸۰