وقسم طوائف قريش ، فبنو دورهم حول البيت الشريف من الجهات الأربع ، وتركوا لطواف بيت الله تعالى مقدارا يقال له المفروش الآن حول البيت الشريف بالحجر المنحوت المسمى بالمطاف الشريف ، وشرعوا أبواب بيوتهم إلى نحو البيت ، وتركوا ما بين بيتين طريق ينفد منه إلى المطاف ، إلى أن زاد عمر (رضى الله تعالى عنه) فى المسجد الحرام ، وتبعه عثمان رضياللهعنه ، وتبعهما غيرهما ، على ما سيأتى تفصيله إن شاء الله تعالى.
وكان قصى أول ملك من بنى كعب بن لؤى أصاب ملكا ؛ فأطاعه به قومه ، وله كلمات ؛ حكم تؤثر عنه ، منها : من أكرم لئيما أشركه فى لؤمه ، ومن استحسن قبيحا ترك إلى قبحه ، ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان ، ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان.
وكان اجتمع لقصى ما لم يجتمع لغيره من المناصب ، وكان بيده الحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء والقيادة.
فالحجابة : وهى سدانة البيت الشريف ، أى تولية مفتاح بيت الله تعالى.
والسقاية : هى إسقاء الحجيج كلهم الماء العذب ؛ وكان عزيزا بمكة يجلب إليها من الخارج فيسقى الحجاج منه ، وينبذ لهم التمر والزبيب ؛ فيسقونه للحجاج ، وكانت وظيفة فيهم.
والرفادة : وذلك إطعام الطعام لسائر الحجاج ، تمد لهم الأسمطة فى أيام الحج.
وكانت السقاية والرفادة مستمرة إلى أيام الخلفاء ، ومن بعدهم من الملوك والسلاطين.
قال السيد التقى الفاسى ( رحمه الله تعالى): «الرفادة كانت فى أيام الجاهلية وصدر الإسلام ، واستمر ذلك إلى أيامنا ، وقال : وهو الطعام يصنع بأمر السلطان كل عام بمعنى للناس ، حتى ينقضى الحج ؛ قلت : وأما فى زماننا فلا يفعل شىء من ذلك ، ولا أدرى متى انقطع.
وأما الندوة : فقد تقدم بيانها.
مخ ۷۹