ابراهیم ابو الانبیا
إبراهيم أبو الأنبياء
ژانرونه
لكن انتساب العرب إلى إبراهيم كان تاريخا مقررا كما هو واضح مما تقدم، فلم يكن في الوسع إنكاره، ولم يكن ثمة مناص من التفرقة بين أبناء إبراهيم من سلالة إسماعيل وأبناء إبراهيم من سلالة إسحاق.
وأكثر من ذلك أن كهان اليهود كانوا يحسون من العرب منافسة دينية، فضلا عن المنافسة الدنيوية، فلو لم يكن للعرب حياة دينية يخشى الكهان منافستها؛ لكان يكفيهم أن يحصروا وعد إبراهيم في أبنائه المؤمنين دون أبنائه الوثنيين الذين لا يعرفون الله الواحد الأحد، فيخرج العرب بهذا الاستثناء من وراثة إبراهيم الروحية، ولا تدعو الحاجة إلى أكثر من ذلك الاستثناء.
ولا شيء غير خطر المنافسة في النسب، وخطر المنافسة في العقيدة الدينية يلجئ الكهان إلى حصر النعمة الموعودة في أبناء إسحاق دون أبناء إبراهيم. وقد لوحظ أن الكهان يحصرون النسب شيئا فشيئا كلما أحسوا بخطر المنافسة على سلطانهم وسلطان هيكلهم على الخصوص.
فخصصوا أبناء يعقوب بعد أن كان الوعد عاما شاملا لأبناء إسحاق أجمعين، وقالوا: إن الإسرائيليين هم أبناء يعقوب دون غيره، وإسرائيل هو لقب يعقوب.
ثم انقسمت دولة اليهود إلى دولة في الشمال تسمى مملكة إسرائيل، ودولة في الجنوب تسمى مملكة يهودا، فقال كهان الهيكل: إن النعمة الموعودة محصورة في أبناء داود.
وقبل ذلك بزمن طويل كان اللاويون يحصرون الرياسة الدينية فيهم دون غيرهم؛ لأنهم يقولون: إن اللاويين قبيلة موسى الكليم.
فاستثناء أبناء إسماعيل لم يحصل عبثا منذ القرن السابع قبل الميلاد على الأقل، ولا بد من منافسة دينية ودنيوية دعت إلى هذا الاستثناء، وإلى السكوت عن الحالة الدينية التي تخشى منها المنافسة، ويشعر بها الكهان.
ولعل المنافسة في الحقيقة كانت بين الإيمان ب «يهوا» والإيمان بالإيل أو الإله، فإن العرب الأقدمين لم يذكروا «يهوا» قط بين أربابهم، وإنما ذكروا الإيل والإله والله تعالى، وكان اليهود يعبدون الإيل كما يعبده العرب، ومن ذلك تسمية إسماعيل وإسرائيل وبتوثيل، فلما تشابه النسب بالانتماء إلى إبراهيم، وتشابهت العبادة بالاتفاق على اسم الإله، جدت الرغبة بالكهان في الاستئثار من جهة، والاستثناء من جهة أخرى، فحصروا النعمة الموعودة في أبناء إسحاق، ثم في أبناء يعقوب، ثم في أبناء داود، جريا على عاداتهم المطردة في أمثال هذه الأحوال.
ومهما يكن من أمر هذا التاريخ المسكوت عنه، فوجود النسبة إلى إسماعيل قديم لم تكن فيه حيلة لليهود ولا للعرب.
فلو أراد العرب أن يخترعوا لما اخترعوا نسبة ينتمون بها إلى جارية، وتخص غيرهم بالانتماء إلى السيدة المختارة.
ناپیژندل شوی مخ