ابراهیم ابو الانبیا
إبراهيم أبو الأنبياء
ژانرونه
وأيا كان القول في نسبة إبراهيم إلى آزر بمعنى آسور، فهو أقرب من القول بأن أباه سمي تارح من الحزن أو من الكسل، وليس عليه دليل من وقائع التاريخ والجغرافية ولا من الاشتقاق.
وتفيد هذه الملاحظة فائدة جلى في معرض آخر من معارض سيرة الخليل، فلم يكن تاريخ إبراهيم في الإسلام مستمدا من المصادر اليهودية، كما زعم بعض المتسرعين من رواة الأخبار الدينية غير الإسلامية، وإلا لما كان أيسر من تسمية أبيه تارح أو تيرح أو تيره وما شابه هذه التصحيفات، ولما كان هناك سبب قط لتسميته بآزر على أي توجيه.
وإنما هذا بينة من بينات شتى على أن دعوة إبراهيم لم تصل إلى الحجاز من مصادر اليهود.
والبينة الكبرى التي تأتي من مباحث اللغة هي التقارب الشديد بين لغة الحجاز ولغة النبط أو النباتيين الذين ينتمون إلى نبات من أبناء إسماعيل.
فقد عقد اللغويون مقارنات كثيرة بين لهجات العربية القديمة التي بقيت إلى ما قبل الإسلام، فظهر من هذه المقارنات أن التقارب بينها يقاس بالزمان ولا يقاس بالمكان، فقد يكون الجاران مختلفين غاية الاختلاف، وقد يكون التشابه قريبا جدا بين طائفتين تسكن إحداهما إلى أقصى الجنوب، وتسكن الأخرى إلى أقصى الشمال.
فالحميريون كانوا يقيمون بأقصى الجنوب من الجزيرة العربية، والآشوريون كانوا يقيمون بأقصى الشمال من العراق، ولكن التشابه بين لهجة حمير ولهجة آشور أقرب جدا مما بين اللهجة الحميرية واللهجة القرشية بمكة، والمسافة بين اليمن والحجاز أقرب المسافات.
فاللغة الحجازية لم تتطور من اللغة اليمانية مباشرة، وإنما جاء التطور من العربية القديمة إلى الآشورية إلى الآرامية إلى النبطية إلى القرشية، فتقاربت لغة النبط ولغة قريش من هذا السبيل، وكان التقارب بينهما في الزمان، أو في درجات التطور، ولم يكن تقاربا يقاس بالفراسخ والأميال.
هذه هي البينة الكبرى من مباحث اللغة على قرابة أهل الحجاز من النبطيين أو النباتيين أبناء إسماعيل، ولم تكن هذه القرابة من اختراع النسابين أو فقهاء الإسلام، ولكنها كانت قرابة الواقع التي حفظتها أسانيد اللغة والثقافة، واستخرجتها من حجارة الأحافير والكشوف الحديثة.
ومما يدعو إلى احترام روايات النسابين في هذا الباب أنهم عرفوا الحقيقة التي كشفها علماء الأحافير في الزمن الأخير، فقال ابن عباس: «نحن معاشر قريش من النبط.»
هذا من جهة الأصل واللغة، ومن جهة الكتابة يقول الشاعر المنتصر بن المنذر المديني:
ناپیژندل شوی مخ