7
في البيع
المعروف أن العقد يتم إذا اتصل الإيجاب بالقبول وإذا توافرت في كل منهما شروطه الصحيحة شرعا، ولكن قد يتخذ أحد المتعاقدين من العقد سببا غير مشروع، فهل ينعقد العقد حينئذ، ويكون صحيحا شرعا لوجود ركنه وهو مجموع الإيجاب والقبول؟ أو يعتبر غير صحيح لسببه غير المشروع؟
يرى أبو حنيفة والشافعي صحة هذا العقد لأن ركنه وهو الإيجاب والقبول قد تحقق، ونية السبب أو الغرض غير المباح شرعا مستترة فيترك أمره لله وحده.
ولكن الصاحبين وابن حنبل يرون عدم صحة هذا الضرب من العقود، ولا يجعلون للإيجاب والقبول أثرا متى قام الدليل أو القرينة الصحيحة على هذا القصد الآثم، وقد اختار ابن تيمية هذا الرأي.
وعلى ذلك، يكون بيع عصير ممن يتخذه خمرا صحيحا على الرأي الأول، ويكون باطلا على الرأي الثاني الذي اختاره ابن تيمية إذ يقول: «ولا يصح بيع ما قصد به الحرام كعصير يتخذه خمرا إذا علم ذلك، كمذهب أحمد وغيره، أو ظن، وهو أحد القولين، يؤيده أن الأصحاب قالوا لو ظن الآجر أن المستأجر يستأجر الدار لمعصية كبيع الخمر ونحوه لم يجز له أن يؤجره تلك الدار ولم تصح الإجارة، والبيع والإجارة سواء.»
8
وفي بيان هذا الرأي نجد ابن قدامة المقدسي الحنبلي (توفي سنة 620ه) يقول: «إن بيع العصير لمن يعتقد أنه يتخذه خمرا محرم ... إذا ثبت هذا، فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم قصد المشتري بذلك، إما بقوله، وإما بقرائن مختصة به تدل على ذلك، فإن كان محتملا، مثلا أن يشتريه من لا يعلم حاله أو من يعمل الخمر والخل معا، ولم يلفظ بما يدل على إرادة الخمر، فالبيع جائز.
وإذا ثبت التحريم فالبيع باطل، ويحتمل أن يصح وهو مذهب الشافعي»، إلى آخر ما قال، وفيه استدلال جيد لمذهب القائلين بعدم صحة العقد.
9
ناپیژندل شوی مخ