وحين صارت دراساته محيطة عميقة كل العمق، واستحصد عقله وتفكيره، كانت له اجتهادات بعقله، في دائرة النصوص ومقاصد الشريعة العامة، خالف فيها هذه المذاهب جميعا، وهذا ما يضعه بعض مؤرخيه تحت عنوان «مفرداته وغرائبه».
ولا نرى ضرورة لأن نتعرض للطائفة الأولى من فتاويه، فهي كثيرة بطبيعة الحال وبخاصة في فتاويه المصرية، وليس له أصالة في استنباط أحكامها التي تدخل في دائرة المذهب الحنبلي، وإن كان له كبير فضل في تحرير هذا الآراء وبيان أدلتها ورجحانها على غيرها ولهذا رأى الأخذ بها.
ولكننا لا نجد بدا من ذكر نماذج لآرائه وفتاويه الأخرى؛ أي التي اختارها من بين المذاهب الفقهية المختلفة أو انفرد بها، وبعدها نعرض لبعض مفرداته التي خالف فيها المذاهب المعروفة، كما نعرض بعدها لبعض المسائل التي يبين فيها بوضوح مقدار عنايته بالفقه المقارن، وهذا كله على النحو التالي: (3) نماذج من اختياراته
إذا كان لابن تيمية آراء كثيرة لم يلتزم في القول أو الإفتاء بها مذهبا فقهيا معينا، ولكنها لا تخرج عن أقوال فقهاء المذاهب الأربعة المعروفة؛ فذلك لأنه يرى أن الحق في عامة مسائل الشريعة لا يخرج عنها، وهو في هذا يقول: «قول القائل: لا أتقيد بأحد هؤلاء الأربعة، إن أراد به أنه لا يتقيد بواحد بعينه دون الباقين، فقد أحسن، بل هو الصواب من القولين، وإن أراد أني لا أتقيد بها كلها بل أخالفها، فهو مخطئ في الغالب قطعا؛ إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة.
ولكن تنازع الناس: هل يخرج عنها في بعض المسائل؟ على قولين، وقد بسطنا ذلك في موضع آخر.»
3
هذا ونعرض هنا بعض هذه الآراء التي اختارها، وذلك من كتابه «الاختيارات العلمية»،
4
وهي آراء تعالج مسائل اجتماعية سواء ما كان منها في العبادات والمعاملات.
في الزكاة
ناپیژندل شوی مخ