Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
في أحد القولين، ومقيدا في القول الآخر يحمل الكلام على إرادة القيد في المطلق، ليتلاقيا. ومن التوفيق أيضا أنه إذا ورد الحكم عاما في أحد القولين كبطلان بلفظ العام، أو تحريم بلفظ عام، وفي القول الآخر بطلان في بعض الأحوال، أو تحريم في بعض الأحوال فإنه يكون المراد بالتحريم الذي يكون لفظه عاما هو ما يدل عليه الخاص، وهكذا.
فيعمل على التوفيق ما كان التوفيق ممكنا؛ لأن الأصل ألا يكون للإمام إلا رأي واحد، في المسألة الواحدة، ولا يفرض التعارض بين أقواله، إلا إذا تعذر التوفيق، فما دام التوفيق ممكنا يصار إليه.
٨٠ - وإن لم يمكن التوفيق، ولو بضرب من ضروبه السابقة، يتعرف التاريخ لكل قول، فإن عرف وتبين السابق، واللاحق، اعتبر بعض العلماء وهم الأكثرون السابق منسوخا، والثاني ناسخا؛ لأن معنى إفتائه ثانيا بما يخالف الإفتاء الأول، أنه رجع عن هذا، وبدا له بطلانه، إذ قام الدليل لديه على خلافه، وإذا كان كذلك، فلا يصح أن ينسب إلى الإمام قول قد رجع عنه، وبدا له دليل يعارضه؛ ولقد قال صاحب تصحيح الفروع في هذا القول: ((إنه هو الصحيح))(١)
وقال بعض العلماء إن القولين في هذه الحال ينسبان إليه، ويعد في المذهب قولان في هذه المسألة، وهما منسوبا للإمام، بل يقول مجد الدين ابن تيمية، وهو ابن تيمية الكبير: ((قد تدبرت كلامهم، فرأيته مذهبا له، وإن صرح بالرجوع عنه؛ وبمثل ذلك جاء في الفروع لابن مفلح))(٢)
ولعل وجهة نظر هؤلاء أن المسائل المتشابهة بينها فروق مشخصة تميز كل واحدة عن الأخرى، فإذا أفتى أحمد في إحدى المسألتين المتشابهتين بفتوى، فقد وجد من واقعتها ما جعله يفتى بهذه الفتوى، فلما وقعت الواقعة الثانية المشابهة، وسئل عنها، ولاحظ من مشخصاتها وأحوالها ما جعله يفتى بحكم جديد غير الأول، فإنه يعتبر قد
(١) راجع تصحيح الفروع حـ١ ص٣ (٢) راجع الكتاب المذكور
192