192

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

القواعد العامة التي وضعها بعض علمائه، ولنترك هذا إلى موضع آخر قد نعرض له فيه.

ولنتكلم في الأول

طرق النقل والترجيح بين الأقوال والروايات

٧٨ - لقد اختلفت الروايات عن أحمد، واختلفت الأقوال، واختلف المنقول عنه في أحكام المسائل، ثم اختلف في تفسير عبارات جاء على لسانه رضي الله عنه في إجابته عن مسائل سئل عنها، فكانت عبارته ليست صريحة في إثبات الحرمة، أو ليست صريحة في بيان أن الحكم هو الطلب على سبيل الوجوب أو على سبيل الندب، فمثلا كلمة لا ينبغي جاءت في كثير من إجابته، وقد فهم بعضهم أنه يراد منها التحريم، والأكثرون على أنه يراد منها الكراهة، ومن العلماء من قرر أنها تفسر على حسب القرائن، شأن كل تعبير، لا يتحرر المراد منه لدى قارئه إلا بالاستعانة بالقرائن الحالية واللفظية، فإنها تتعاون مع اللفظ في الدلالة، وتعيين المراد.

ولنتكلم أولا في طرق ترجيح الأقوال والروايات، ثم نتكلم ثانيا في فهم العبارات وبيان أوجهها.

٧٩ - إذا تعددت الروايات، فإن العلماء يوازنون بين هذه الروايات بقوة أسانيدها فما كان أقوى سندا كان أصح خبرا، فيقبل، ويرد ما يعارضه، إذا لم يمكن الجمع بينهما، وإن تساوت الروايتان في قوة السند، أو لا يعلم ترجيح لأحداهما على الأخرى، كان في المسألة قولان، وكان النظر فيها كالنظر عند اختلاف أقوال أحمد، وثبوت هذا الاختلاف، بالسند الصحيح الذي ينتهي إليه

وقد قالوا إذا تعددت أقوال أحمد المنسوبة إليه في حكم مسألة معينة، فإنه إذا أمكن الجمع بينها، ولو بحمل العام على الخاص، بأن كان العام متعارضا مع الخاص، فيثبت الأول حكما، والثاني يثبت غيره، فتحمل المخالفة بينهما على التخصيص بإطلاق العام على الآحاد التي لا تدخل في الخاص، فيحمل الخاص على ما يدل عليه، والعام على ما لا يدخل في مدلول الخاص، ومن التوفيق أيضا حمل المطلق على المقيد، بأن كان الحكم مطلقا

191