94

أن يكون فوستوس روحا في الصورة والهيولي.

وأن يكون مفستوفليس خادمه وطوع أمره، وأن مفستوفليس يجيبه إلى كل طلب، ويحضر له كل مطلوب.

وأن يكون في بيته أو مكتبه غير منظور.

وأن يظهر لجون فوستوس في كل وقت كما يجب.

وأنا الدكتور جون فوستوس من ويرتنبرج، بهذا الجزاء، أضع جسدي وروحي بين يدي لوسيفر أمير المشرق، ووزيره مفستوفليس، وأفوض لهم بعد أربع وعشرين سنة كل التفويض بناء على هذا العقد المسجل غير منقوص ولا منقوض، أن يبحثوا عن هذا المدعو جون فوستوس حيث كان، وأن يحملوه جسدا وروحا ولحما ومتاعا إلى حيث يقيمون.

ويتسلم مفستوفليس هذا العقد موقعا بدم الساحر بدلا من المداد.

ويظهر مفستوفليس في الرواية باسم ملك السوء حينا، وباسم الشيطان أو باسمه المشهور في أكثر الأحيان، وهو رئيس لزمرة من الشياطين، مرءوس لإبليس المسمى هنا باسم لوسيفر زميل بعلزبول، ومن مرءوسيه سبعة شياطين متآمرين؛ هم: شيطان الكبرياء، وشيطان الطمع، وشيطان الغضب، وشيطان الحسد، وشيطان الشهوة، وشيطان الكسل، وشيطان الدعارة.

ويقضي الدكتور فوستوس أيامه مع الشياطين مستمتعا بما يهواه من حسان الدنيا وحسان التاريخ، ومنهن «هيلينا» التي فتنت اليونان الأقدمين وباريس، والتي نالت الجائزة قديما في مباراة الجمال.

ويغلب على لوسيفر - كما صوره مارلو - أنه يضع الأمور في مواضعها، ويطلب حقوق الشر كما يدعيها، ويعطي الخير حقوقه كما تجب، فهو ييئس الساحر العالم من سعي السيد المسيح في خلاصه، وينبئه أنه عاجز عن إنقاذ روحه، ولكنه لا يرد هذا العجز إلى غلبته ورجحان الشر على الخير في حوله وحيلته، بل يرده إلى عدل المسيح، وأنه ليس من العدل أن ينجو من لم يكن أهلا للنجاة، ولا ينكر الشيطان جدوى الندم والبكاء واستجابة الصلاة والدعاء، ولكن الشيطان يستخدم حقه - على حكم العهد - في تقييد يدي الساحر فلا يقدر على رفعهما إلى السماء، ونزف دموعه فلا يقدر على البكاء، وعقد لسانه فلا ينطق بالصلاة والدعاء.

ويأتي ملتون (1608-1674) بعد مارلو بفترة وجيزة في التاريخ الزمني، ولكن الشيطان الذي صوره ملتون أهم من الشياطين «الشعرية» التي صورها من سبقوه ولحقوه في هذا الموضوع بين شعراء الغرب. ومن الدراسات التي تناولته دراسة الشاعر من الوجهة النفسية، ودراسة الأدب والبلاغة ، ودراسة العقائد وعلاقتها بالعصر والأحداث السياسية، ودراسة الأطوار التي تتمثل فيها التقوى، حيث تتراءى أحيانا على نحو يوافقها كما تتراءى على نحو يناقض مظهرها وغايتها.

ناپیژندل شوی مخ