(103) والمؤتلف من الشيئين اللذين يأتلف أحدهما إلى الآخر هذا الائتلاف هو القضية، وفيها يكون الصدق والكذب. فمنه موجبة ومنه سالبة. وكل واحد منهما إما أن يكون معنى الوجود الرابط فيهما بالقوة فقط، وهي القضايا التي محمولاتها كلم، وإما أن يكون معنى الوجود الرابط فيهما بالفعل، وهي التي محمولاتها أسماء. ثم تنقسم هذه بما ينقسم الموجود على الإطلاق، فمنهاما فيه إيجاب هذا الموجود بالفعل دائما، ومنها ما فيه نفي هذا الموجود دائما، ومنها ما فيه هذا الوجود في وقت ما وقد كان قبل ذلك بالقوة. فما كان بالقوة فهو ما دام بالقوة يقال فيه " إنه قضية ممكنة " ، وإذا حصلت بالفعل فيها " قضية وجودية " ؛ وما كان منها إيجاب هذا الوجود دائما قيل فيه " إنه قضية موجبة ضرورية " ، وما كان في نفي هذا الوجود دائما قيل فيه " سالبة ضرورية " ؛ وسائر ما قلنا في كتاب " باري ارميناس " وكتاب " القياس " . فيكون منها ما هو " صادق ضروري " ومنها ماهو " كاذب ضروري " وهو المحال، و" كاذب وجودي " وهو الكاذب غير المحال، وما هو " صادق وجودي " ، ثم ما هو " بالعرض " وما هو " بذاته " وما هو " أول " وما هو " ثان " ، وسائر ما في كتاب " البرهان " .
الفصل السادس عشر:
الشيء
(104) والشيء قد يقال على كل ما له ماهية ما كيف كان، كان خارج النفس أو كان متصورا على أي حهة كان، منقسمة أو غير منقسمة. فإنا إذا قلنا " هذا شيء " فإنا نعني به ما له ماهية ما. فإن الموجود إنما يقال على ما له ماهية خارج النفس ولا يقال على ما ماهية متصورة فقط، فبهذا يكون الشيء أعم من الموجود. والموجود يقال على القضية الصادقة، والشيء لا يقال عليها. فإنا لا نقول " هذه القضية شيء " ونحن نعني به أنها صادقة، بل إنما نعني أن لها ماهية ما. ونقول " زيد موجود عادلا " ولا نقول " زيد شيء عادلا " . والمحال يقال عليه " إنه شيء " ولا يقال عليه " إنه موجود " . فالشيء إذن يقال على كثير مما يقال عليه الشيء وعلى ما لا يقال عليه الشيء.
(105) و" ليس بشيء " يعنى به ما ليست له ماهية أصلا لا خارج النفس ولا في النفس. وهذا المعنى هو الذي فهم برمانديس من " غير الموجود " ، فقال " وكل ما هو غير موجود فليس بشيء " ، فإنه أخذ " الموجود " على أنه بتواطؤ وأخذ " غير الموجود " على أنه يدل على ما لا ماهية له أصلا ولا بوجه من الوجوه، فلذلك حكم عليه أنه ليس بشيء. فكان الذي ينتج عن هذا القول أن ما سوى الموجود ليس بشيء، وأنه لا ماهية له أصلا. فأبطل بذلك كثرة الموجودات وجعل الموجود واحدافقط. وأما هو فإنه أنتج من أول الأمر " فالموجود إذن واحد " . فهذه معاني ما يقال عليه الشيء.
الفصل السابع عشر:
الذي من أجله
مخ ۳۴