والمهمة: القفر المخوف، واشتقاقه من مهمهت بالرجل، إذا زجرته، فقلت له: مه مه! ومثله ما ذكره اللغويون في قول أبي ذؤيب:
على أَطْرِقا بالياتُ الخيام ... إلاّ التُّمامُ وإلاَّ الْعِصيّ
فإنهم ذكروا أن أطرقا موضع، وإنما مسى بذلك، لأن ثلاثة أنفس مروا فتكلم أحدهم مع صاحبه، فقال لهما الثالث: أطرقا!.
والقذف: ما ارتفع من الرض، والمرت التي لا ماء بها ولا نبات فيها.
والظهر: ما ارتفع من الأرض يشبهه بظهر الترس في ارتفاعه، وتعريه من النبت، كما قال الأعشي:
وفَلاَةٍ كأَنَّها ظَهر تُرسٍ ... لَيْسَ إلاّ الرجيعُ فيها علاقُ
وقوله: جبتهما بالنعت لا بالنعتين، أي نعتالى مرةً واحدة، فلم احتج إلى نعتهما إلى مرة أخرى!.
وصف نفسه بالحذق والمهارة!.
وأنشد أبو القاسم في باب: أقسام المفعولين:
فَكَانَ وإيَّاها كحرَّان لم يُفِقْعَن الْماءِ إذْ لاَقَاهُ حتَّى تَقَدَّدَا
هذا البيت: لكعب بن جعيل التغلبي.
والحران: العطشان، ومعنى تقدد: تشقق معاه لكثرة ما شرب من الماء!.
وصف عاشقًا، لقي محبوبته، وهو شديد الشوق إليها، فكان حاله معها كحال رجلٍ شديد العطش، ظفر بالماء، فأكثر منه حتى هلك!.
وإنما خص الماء بالذكر، لأن العرب تقول: ظمئت إلى لقائك، وعطشت إلى لقائك، فيمثلون اشتياق المحب إلى المحبوب، باشتياق الظمآن إلى الماء؛ ألا ترى إلى قول الشاعر:
أَرَى ماءَ وبِي عَطَش شديدٌ ... ولكنْ لا سبيلَ إلى الوُرُد!
وقال آخر:
أُأَمِّل أنْ أُعَلَّ بشرب لَيْلَى ... ولم أَنْهَلْ، فكيف إلى العلول؟!
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
فآلَيتُ لا أنْفَكُّ أَحْذُو وقصيدةً ... تكسُونُ وإيَّاها بِها مثَلًا بَعْدِي
هذا البيت: لأبي ذؤيب الهذلي، يخاطب به خالدًا، بن أخته.
وكان أبو ذؤيب يرسله قوادا إلى معشوقةٍ له تدعى أم عمرو، فأفسدها عليه، واستمالها إلى نفسه، فقال فيه هذا، وقبله:
تُريدينَ كَيْما تجمعيني وخالداوهَلْ يُجمَعُ السَّيْفانِ وَيحَكِ في غِمْدِ؟
أَخَالِدُ مَا رَاعيتَ مِنْ ذِي قَرَابةٍ ... فتحفَظنِي في الغَيبِ، أوْ بعض ما تُبْدِي
دَعَاكَ إِليها مُقْلَتَاهَا وجِيدُهَافَمِلْتَ كما مَال المحبُّ عَلىَ عمْدش
وكنْتُ كرَقْرَاقِ السَّرَاب إِذَا جرَى ... لِقَوْمٍ وَقَدْ بَاتَ المطيُّ بِهِمْ يَحْدى
ومعنى أليت حلفت، ويقال لليمين: ألوة، وإلوة، وألوة، بفتح الهمزة وكسرها وضمها.
ومعنى لا أنفك: لا أزال.
ومعنى أحذو: أصنع وأهيئ، كما تحدى النعل على المثال، إذا سويت عليه.
ومن روى أحدو - بالدال غير معجمة - فهو من قولهم: حدوت البعير، إذا سقته وأنت تغني في إثره لينشط.
وقوله: تكون: في موضع الصفة لقصيدة، وهي صفة جرت على غير من هي له. ولو جعلتها صفة محضة لبرز ضمير الفاعل المستتر فيها، فكنت تقول: كائنًا بها أنت وإياها.
والضمير في قوله: بها: يعود على القصيدة، وفي إياها: يعود على المرأة، كأنه قال: حلفت لا أزال أصنع قصيدة، تكون مع هذه المرأة بها مثلًا بعدي.! وفي هذه القصيدة، قال أبو ذؤيب لخالد:
رَعَى خالدٌ سِرِّي لَيَالِي نَفْسَهُ ... تَوالى عَلى قَصْد السَّبِيلِ أُمُورُهَا
فَلَمَّا ترَامَاهُ الشَّبابُ وغيُّهُ ... وفي النَّفْسِ مِنْه فِتْنَةٌ وفُجُورُهَا
يُعلقه منها دَلال ومُقْلة ... تظل لأصحاب السفاء تديرها
فأجابه خالد بشعر، يقول فيه:
فَلا تجْزَ عَنْ مِنْ سِيرَةٍ أَنتَ سِرْتَهَا ... فأَوّلُ رَاضٍ سُنَّةً مَنْ يَسِيرَها
تَنَقَدْتَهَا من عَبْدِ وهْب بن جابر ... وأنتَ صَفِيُّ النَفْس منْها وخِيرها
وإنما قال له هذا؛ لأن وهب بن جابر، كان صاحب هذه المرأة، وكان يوجه إليها أبا ذؤيب فأفسدها عليه، واستمالها إلى نفسه، فاحتج خالد بذلك، فقال: كيف تنكر على ما فعلت أنت مثله؟! وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
تُكَلِّفُنِي سَوِيقَ الكَرْمِ جَرْمٌ ... وَمَا جَرْمٌ، وَمَا ذَاكَ السّوِيقٌ؟!
1 / 68