ومعنى جد: اشتد وتحقق، والنقر: صوت باللسان يسكن به الفرس، إذا اضطرب بفارسه، قال امرؤ القيس:
أُخَفِّضُه بالنَّقر لَمَّا عَلَوتُه ... ويرفَعُ طَرفا غَيرَ جَافِ غَضِيضِ
وقوله: أنا ابن ماوية كلام خرج مخرج الافتخار، ولا يقوله إلا مشهور عند الناس، قال أبو النجم:
أنا أبو النَّجْم وشِعرِي شعري.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
لقد خَشِيتُ أنْ أرَى جَدَيَّا
في عَامِنَا ذَا بَعدَمَا أخصَبَّا
هذا الرجز: أنشده أبو حاتم لبعض الأعراب.
ويروى جديبا:، فمن روى كذا زاد إلى الباء باء أخرى لتبقى دال الجدب ساكنة، لن التشديد في الوقف إنما يستعمل فيما كان قبل آخره حرف متحرك، ونظيره قول الاخر:
كأنّ مجرَى دَمعِها المُسْتَنِّ ... قُطْنَةٌ من أبيض القُطْنُنِّ
ويروى: القطن.
ومن روى جدبا - بغير زيادة باء - حرك الدال؛ لاجتماع الساكنين.
وكان القياس ألا يشدد جدبا، ولا أخصبا؛ لوقوع حرف الإطلاق بعد الباء من أخصب، والألف التي هي بدل من التنوين، في جدبا، ولكنه اضطر، فأجرى الوصل مجرى الوقف.
وبعد هذين البيتين:
إنّ الدَّبَا فوقَ المتُونِ دَبَّا
وهبَّتْ الرِّيح بمَوْرٍ هَبَّا
تَتْركُ ما أبقى الدَّبَا سَبْسَبَّا
كأَنَّهُ السَّيْل إذا اسلَحَبَّا
أو كالحْريقِ وَافَق الْقَصَبَّا
والتِّبْنَ والحلْفَاءَ فَالْتَهبَّا
حَتَّى تَرىَ البُوَ يْزل الإزبَّا
مِنْ عَدَمِ الْرَعى قَد اقرَعَبَّا
تبًّا لأصْحَاب الشَّوِيِّ تَبَّا
الدبا: الجراد.
والمتون: المواضع المرتفعة، والمور: الغبار المتردد بالريح، والسبسب: ما لا نبات فيه من الأرض، - وهو البسبس أيضًا، قال الشاعر:
وقاعٍ سَبْسَبٍ لا نَبْتَ فِيهِ ... كأنّ كلاَبَهُ زُبَرُ الَحْدِيدِ
واسلحبا: سال بشدة.
والبويزل: تصغير البازل من الإبل، وهو بمنزلة القارح من الخيل، وخصه بالذكر؛ لأن الكبير أحمل للجهد من الصغير.
والإزب: الغليظ الكثير اللحم.
ومعنى اقرعب: ضمر وهزل.
والشوى: لغة في الشاء: وأنشد أبو القاسم في باب ما:
بِمَا فِي فُؤادَبنا مِنَ الهمِّ والهَوى ... فيبْرَأَ مُنءهاضُ الْفُؤَادِ المشعَّفُ
هذا البيت: للفرزدق، من قصيدة أولها:
عَزَفْتَ بأَعْشَاشِ وما كنت تعَزِف ... وأنكْرتَ مِنْ حَدْرَاءَ ما كنت تأْلَف
دعوتُ الَّذِي سوَّى السَّمَواتِ أيدُهُ ... وللهُ أدْنَى من وَرِيدِي وأَلْطَفُ
ليشْغل عَنِّي بَعْلَهَا بَزمَانَةٍ ... تُدَلِّهُهُ عَنِّي، وَعَنْها فَنُسْعَفُ!
الأيد: والأود القوة، والوريد: حبل العنق، أخذه من قوله تعالى: " ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ".
والزمانة: ما يصيب الإنسان من حوادث الزمن، والتدليه: ذهاب العقل!.
ويروى: فيجبر منهاض الفؤاد: على صيغة ما لم يسم فاعله، ويجبر على صيغة لفظة فعل بفعل، ويرتفع منهاض في الوجه الأول على أنه مفعول ما لم يسم فاعله، وفي الوجه الثاني على أنه فاعل، لأنه يقال جبر العظم وجبرته، قال العجاج:
قَد جَبَرَ الدِّينَ الإلَهُ فَجبرْ
ويروى: فيبرأ، منهاض الفؤاد: الذي عاوده الحب بعد ذهابه عنه.
والأصل في الانهياض: أن يجبر العظم ثم ينكسر.
والمشغف: الذي بلغ الحب شغافة، وهو حجاب القلب.
ويروى المشعف: - بعين غير معجمة - وهو الذي أحرقه الحب، وقيل: هو الذي بلغ الحب شعفته، وشعفة القلب أعلاه، مثل شعفة الجبل، وهي رأسه.
واللام في قوله ليشغل بمعنى: كي، وهي متعلقة بدعوت، والباء في قوله: بزمانه متعلقة ب يشغل، وتدلهه: جملة في موضع الصفة لزمانة.
ورفع فنسعف، وقطعه عما قبله، كأنه قال: فنحن نسعف، وكان الأحسن أن ينصبه بالعطف على ليشغل.
ونحوه قول جميل:
ألمْ تَسأَل الرَّبْع الَخْوَاءَ فينطقُ ... وهل تخيرنْك اليومَ بيداء سِمْلقُ
كأنه قال: فهو ينطق.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
وَمَهْمَهَين قَذَفَين مَرْتَيْنْ ... ظَهْراهُما مِثْلُ ظُهُور التُّرْسْين
هذا الرجز: لخطام المجاشعي - وبعده:
جُبْتَهُمَا بالنَّعتِ لاَ بالنَّعْتَين!
1 / 67