واللأي: البرحاء، وهو مصدر لم يستعمل منه فعل إلا بالزيادة، يقال: ألأ، ولا يقال: لأي.
وقوله: ما أبينها: ما زائدة، أراد: لأبًا أبينها.
ويجوز في النؤى الرفع والنصب، فمن نصب الأواري، فإنه يجوز له نصب النؤى بالعطف عليها، ويجوز رفعه بالابتداء، أو تقطعه مما قبله.
وأما من رفع الأواري: فإنه يجوز له رفع النؤى: عطفًا عليها، وإن شاء رفعه بالابتداء.
والنؤى: مانع يمنع الماء من الدخول على الخباء، وربما كان حفيرًا حول الخباء، وربما كان تلا يرفع: وفي النؤى ثلاث لغات: نؤى، وهو أشهرها وأفصحها، ونأى: ونئى ونؤى على مثال: هدى.
وتجمع على: أناء وآناء، وئي، ونؤى.
وفي المظلومة أقوال: قيل: هي الأرض التي حفر فيها، ولم يكن فيها حفر قبل ذلك.
وقيل: هي التي أتاها سيل من أرض أخرى.
وقيل: هي التي مطرت في غير وقتها، ويدل على ذلك قول الحويدرة:
ظَلَمَ الْبِطَاحَ بِها انْهِلاَلُ حَرِبصةٍ ... فصفى النِّطافُ بها يُعَيدض المقْلَعِ
وشعر النابغة يقتضي: أنها التي حفر فيها، ولم يكن فيها حفر.
والجلد: الصلبة، وخصها بذلك، لأنها إذا كانت كذلك تعذر الحفر فيها للحفير فلم يعمق الحفير، فهذا أوثق لتشبيه النؤى به، أم االكاف التي في قوله: كالحوض، فتحتمل وجهين: أن تجعل النؤى: مرفوعًا بالابتداء، فموضع الكاف رفع، لأنها وقعت موقع خبر المبتدأ.
وإن جعلت النؤى مرفوعا بالعطف على الأواري: فموضع الكاف نصب، لأنها في موضع الحال من النؤى.
ومن نصب النؤى بالعطف على الأواري فموضع الكاف نصب على الحال، والعامل في هذه الحال - إذا نصب النؤى - معنى الاستثناء.
وإذا رفعت النؤى: كان العامل: معنى الاستقرار، لأن الباء في قوله - بالربع: بمعنى في والباء في قوله: بالمظلومة في موضع نصب على الحال من الحوض، والعامل فيها: ما في الكاف من معنى التشبيه.
وأنشد أبو القاسم في باب النفي:
مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها ... فأنا ابنُ قَيْسٍ لا بَرَاحُ
هذا الشعر: لسعد بن مالك القيسي، من شعر يعرض فيه بالحارث ابن عباد وغيره، ممن كان اعتزال الحرب، حرب بكر وتغلب، ولذلك قال:
بِئْس الخلائفُ بَعْدَنَا ... أَوْلاَد يَشْكُرَ، واللّقاح
أراد باللقاح: بني حنيفة، سموا لقاحا؛ لأنهم كانوا لا يؤدون الطاعة للملوك، وكانوا قد اعتزلوا حربهم، هم وبنو يشكر، فلم يشهد حربهم من بني حنيفة أحد إلا الفند الزماني، واسمه شهل من سيار لأن بكر بن وائل بعثوا إلى بني ضبيعة، يستمدونهم على تغلب، فبعثوا إليهم بشهل بن سيار وليس العرب شهل - بالشين معجمة - غيره، وكان شيخا مسنًا شجاعًا عالما بالحروب، وكتبوا إليهم: قد بعثنا إليكم بثلاث مائة فارس، فلما ورد عليهم قالوا: وما تغنى هذه العشبة عنا؟! فقال: إني لكم فند!.
والفند القطعة من الجبل، والعشبة، والعشمة - بالباء والميم - الشيخ المتناهي في السن.
وقد ذكرنا شيئا من خير هذه الحرب فيما تقدم من كتابنا هذا.
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
وإذَا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدَعى لَهَا ... وإذا يُحَاسُ الحيْس يُدْعَى جُنْدَب
هذا وجدّكم الصَّغَار بعينهلا أمَّ لي إن كان ذاك ولا أَبُ!
ذكر في كتاب سيبويه: أن هذا الشعر لرجل من مدجج.
وذكر أبو رياش: أن هذا البيت: لهمام بن مرة، أخى جاس بن مرة، قائل كليب.
وذكر الأصبهاني: أنه لضمرة بن أبي ضمرة.
وزعم ابن الأعرابي: أنه قيل قبل الإسلام بخمسمائة عام.
ويروى هذا لعمركم الصغار.
وكان لقائل هذا الشعر أخ، يسمى جندبًا، وكان حية يؤثرونه ويفضلونه عليه، فانف من ذلك، وقال هذا البيت، وقبله:
أمن السّوِية أن إذا أحْصَيتم ... وأمنتّم فأنا البعيد اْلأَجْنبُ؟!
وإذا تكون كريهةٌ أُدْعَى لَهضا ... وإذا يُحَاسُ الحيْسُ يُدعى جندبُ؟!
ولجندبٍ سضهْلُ البلاد وعَذْبُها ... وَلِيَ الملاح وحَزْنُهنَّ المجْدِب؟!
عجبا لتلك قضية وإقامتي ... فيكم على تلك القضية أَعْجبُ!
هذا وَجدُّكم الصَّغَار بعيْنِهِ ... لا أمَّ لِي إنْ كانَ ذَاكَ وَلاَ أبُ!
1 / 60