ولَوْلا أَنْ أُخَشِّنَ صَدْرَ مَعْنٍ ... وعُتْبة شاع بالحْرَمَ النَّشيدُ
فقالت بنو سدوس: والله لا أعطيناه درهمًا، وقد قال: ما قال!.
فقال الأخطل:
فإِنْ تَبْخَلْ سَدُوسُ بِدِرْهَمْيهَا ... فإن الرّيحَ طيبةٌ قبولُ
توا كَلَني بنو الْعَلاَّت مِنْهم ... وغالتْ مالِكًا ويزيدَ غُولُ
قَريعَا وَائِلٍ هَلَكَا جميعًا ... كأن الأَرْضَ بعدهما مُحُولُ
فماذا ابتغى مِنْ بَعْدُ مِنْهُمْ ... وكَلُّهم أخُو دَغَلس بَخِيلُ
وقال يهجو سويد بن منجوف - وكان رجلًا دميمًا، لا ينظر إليه:
وما جِذْعُ سُوءٍ خَرَّبَ السُّوسُ جَوْفَهُ ... لما حَمَّلَتْهُ وَائِلٌ بمطيقِ
فقال سويد: أراد أبو مالك أن يهجوني فمدحني، حين جعل وائلا تحملني أمورها، وما طعمت في بني تغلب، فضلًا عن بكر بن وائل.
وأما قوله: فإن الريح طيبة قبول، فإنما هو مثل ضربه لاستغنائه عنهم بغيرهم، يقول العرب: ريح فلانٍ تهب، وريح فلانٍ عاصفة، إذا كان أمره ظاهرا، وسعده متصلًا، وتقول في ضده: فلان ساكن الريح إذا ذهب سعده، ولم يكن له ظهور، قال الله تعالى: " وتذهب ريحكم "، وقال الشاعر:
إذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فاغّتَنِمْهَا ... فعُقْبَي كُلِّ عَاصِفَسةٍ سُكُونُ
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
بَكَى الخَزُّ مِنْ رَوْحٍ وأنْكرَ جِلْدَهُ ... وعَجّتْ عَجيجًا مِنْ جُذَام المطارفُ
هذا البيت: لهند بنت النعمان بن بشير النصاري، تهجو زوجها: روح ابن زنباع الجدامي: وبعد هذا البيت:
وقال الْعَبَا: قدْ كُنْتُ حِينًا لباسَكُم ... وأكسِيَة مُضْروجةٌ وقَطَائِفُ
والعجيج: رفع الصوت بالاستغاثة.
والمطارف: أكسية خزً لها أعلام، واحدها مطرف - بكسر الميم وفتحها وضمها - عن المطرز.
والعبا: ضرب من الأكسية، معروف.
والمضروجة المشقوقة، والواحدة منها عباءة وعباية بغير همز.
والقطائف: أكسية من الصوف أيضًا.
تقول: إن روحًا وقبيلته لم يكونوا أهلًا للباس الخز والمطارف، وإنما كانوا بدويين يلبسون الأكسية المخرقة، وينامون تحت القطائف، فشرفهم روح من غير قديم كان لهم، فكان روح وزير عبد الملك بن مروان، ونظير هذا قول مدرك الفقعسي:
تُشبِّهُ عَبْسٌ هَاشِمًا إنْ تَسَرْبَلَتْ ... سرابيل خَزٍّ أنْكرتْها جُلُودُهَا
ويروى: وأكسية كردية، وهي التي يلبسها الكرد، فأجابها روح بن زنباع بقوله:
أبتْ هند إلاّ أن تَكون مهانة ... وكان لَهَا مِنَّا عَشِيرٌ مُؤَالِفُ
فإن نَجْزِهَا بالُهْوْن، فَهْيَ جَدِيرَةٌ ... وإن نَهْوَهَا يَهْوَ اللثامَ المقارِفُ
ويروى: فإن نجزها بالهون فالهون حقها.
واختلف في هند؛ هل هو اسم منقول، أم اسم مرتجل؟ فذهب بعضهم إلى أنه مرتجل، مشتق من قولهم: هندته المرأة إذا أورثته عشقا بالملاطفة ذكر ذلك أبو جعفر النحاس.
والظاهر من هذا الإسم أنه منقول، لأن مثله منقول في غير الناس، وشرط الاسم المرتجل: ألا يوجد في غير الأعلام.
وقد حكى اللغويون: أنه يقال للمائة: هند، والهند: جيل من الناس، ومنه قيل: بلاد الهند.
وهند - أيضًا -: اسم من أسماء الدواهي، وأنشد ابن الأعرابي:
فأَنكم لَسْتُمْ بأرض تَكِنَّةٍ ... ولكنَّما أنْتُمْ بهنْد الأَحَامِسِ
وأما بشير فاسم منقول باتفاق، وهو المبشر بما يسر.
والنعمان: اسم من أسماء الدم، ومنه قيل: شقاشق النعمان في بعض الأقوال.
وقال قوم: بل نسب إلى النعمان بن المنذر، وكان رأي منها روضة فأعجبته فحماها من الناس!: وروح أيضًا اسم منقول من الروح الذي يراد به الراحة، قال الله تعالى: " فروح وريحان وجنة نعيمٍ ".
والزنباع: الثقيل من الناس: ويروى أن رجلا كان يجلس أبا عبيدة معمر بن المثنى، وكان أبو عبيدة يستثقله، فقال الرجل لأبي عبيدة يومًا: ما الزنبعة في كلام العرب؟ فقال: الثقل، ولأجل هذا سمي صاحبنا زنباعًا! فهرب الرجل! وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
مِنْهنَّ أَيَّامُ صِدْقٍ عُرِفْتَ بهَا ... أيَّامُ واسِط والأيّام مِنْ هجَرا
1 / 55