ولو سقطت من لقلت: ألا ما لهذا الدهر متعلالًا - ويا فارسا ما أنت فارسًا، وإذا ظهر النصب احتمل أن يكون تمييزًا، وأن يكون حالا.
وأما من روى: ألا هل لهذا الدهر من متعلل - بفتح اللام، فإن المتعلل مصدر بمعنى التعلل، ومن زائدة كزيادتها في قولك: هل لزيد من خروج؟.
وموضع المجرور رفع بالابتداء.
قوله: يستعيره: جملة في موضع الحال من الهاء، التي هي ضمير الدهر، أو من ضمير الرداء المضمر في الظرف، لأن نعناه مستقرًا عنده في هذه الحال.
فإذا كانت حالا من الدهر، كانت حالا جارية على من هي له.
وإذا كانت حالًا من ضمير الرداء، كانت حالا جارية على غير من هي له:
ولو صيّرتها اسْمًا مُفْردا لقلتَ إذا كانتْ حالًا من الدَّهر:
مستعيره، فلم يظهر الفاعل.
فإذا كانت من ضمير الرداء قلت: مستعيره هو، فأظهرت الضمير الفاعل. وقوله: عنده إن شئت جعلته في موضع رفع، كما تقول: هذا زيد منطلق، وإن شئت في موضع نصب، كما تقول: هذا زيد منطلق، وإن شئت في موضع نصب، كما تقول: هذا زيد منطلقًا، وهو الوجه.
واللام في قوله: ليسلبني: لام: كي: وتسمى لام العلة، وهي متعلقة بالاستقرار، أو ب يستعيره.
ويجوز في قوله: نفسي: أن يكون مفعولًا ثانيًا، ويجوز أن يكون بدلًا من الضمير؛ لأن السلب: تارةً. يستعمل متعديًا إلى مفعولين، وتارة متعديًا إلى مفعول واحد.
ويجوز في أمال كسر اللام على لغة من يقول: يا حار، وفتحها على لغة من يقول: يا زيد بن عمرو، وهذا لا يكون إلا على مذهب من يجعل المرخم بعد ترخيمه بمنزلة اسم قائم بنفسه لم يحذف منه شيء.
واللام في قوله لهذا متعلقة بمحذوف، لأنها في موضع خبر المبتدأ الذي هو ما، فهو بمنزلة ما لزيد.
وأما الباء في قوله: بالناس فيجوز أن تكون متعلقة ب شاء كما تقول: أردت بزيد الخير.
ويجوز أن تتعلق بيفعل، كما تقول: فعلت به الجميل، ونظير الوجه الأول قول الشاعر:
أرادَ بِي الَّتي لا خَيْر فيها ... فحالتْ دُونَهُ أيْدٍ منيعة
وأنشد أبو القاسم في هذا الباب:
وابنُ اللَّبُونِ إذا ما لُزَّفي قَرَنٍ ... لم يَسْتَطعْ صولةَ البُزْل الْقَنَاعِيسِ
هذا البيت: لجرير بن الخطفي.
وكان سبب قوله إياه: أنه دخل على الوليد بن عبد الملك بن مروان، وعدي بن الرقاع العاملي ينشده قصيدته التي أولها:
عَرَفَ الدِّيار توهُّمًا واعتادها ... مِنْ بعد أن شمل الْبَلي أَبْلاَدها!
فلما فرغ من إنشاد القصيدة، قال له الوليد: تسمع يا ابن الخطفي؟! قال: من هو يا أمير المؤمنين؟ قال عدي بن الرقاع العاملي.
قال له جرير: من الذين قال الله فيها: " وجوه يومئذٍ خاشعة، عاملة ناصبة، تصلى نارًا حامية "؟ فقال له الوليد: لا أم لك، أتقول هذا لمن يمدح أحياءنا، ويؤبن موتانا؟!!.
فقال جرير:
يُقَصِّرُ بَاعُ العامليِّ عَنْ الْعُلاَ ... ولكنَّ أَيْرُ العَامِلِيِّ طويل؟
فقال عدي: أأمك أخبرتك بطوله، أم أنت امرؤ لم تدري كيف تقول؟!.
فقال الوليد: بل هو امرؤ لم يدر كيف يقول!.
فغضب جرير، فقال عدي: يا أمير المؤمنين، أجرني من لسانه!.
فقال الوليد - لجرير -: والله لئن ذكرته في شعرك لأسرجنك وليركبنك حتى تعيرك الشعراء بذلك!!.
فلم يذكره جرير في شعره، غير أنه عرض به في قصيدته التي أولها:
حَيِّ الهِدَمْلَةَ مِنْ ذَاتِ المواعِيسِ ... فالحِنْو أصبح قَفْرًا غَيْرَ مأُنُوسِ
فقال فيها:
إنِّي إذَا الشَّاعر المغرورُ حَرَّ بَني ... جار لقبر عَلَي مرَّان مرمُوسِ
قد كان أشْوسَ أبَّاءَ فأوْرَثنا ... شَغْبًا على النَّاس في أبنائه الشُّوسِ
أَقْصِر فإنْ نزارًا لن يفاخِرَهُمْ ... فرعٌ لَئِمٌ وأصْلٌ غير مغروسِ
لا يستطيع امتناعا فقْع قَرْقَرةٍ ... بين الطريقين بالبِيد الأماليسِ
وابْن اللَّبُون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ... لم يستطع صولةَ البُزِل القَنَاعِيسِ
الهدملة: من الرمل - في قول أبي عبيدة -: ما استدق وطال. والمواعيس: رمال سهلة الموطأ، واحدتها ميعاس. ومعنى حربني أغضبني.
1 / 45