قاسم الأحمد إلى الخليل، فلحقه إبراهيم باشا بعساكره واشتغل بالنهب والسلب والقتل حتى لم يبق منهم إلا القليل، ثم دار على الساحل، ففعل بأهله هذه الرذائل، ولم يزل يتتبع آثار قاسم الأحمد حتى قبض عليه، وقتله بدمشق هو والبرقاوي ونكث العهد الذي عهد به إليه، وأمر بجمع السلاح من سائر البلدان، التي تحت أمر هذا الشيطان، ولم يزل في ظلم وعناد، وقبح وفساد، وسفك وسلب، وقتل وضرب، إلى أن دخلت سنة ثلاث وخمسين هجرية، فطلب من جبل
الدروز الشرقي مائة وثمانين نفرًا للعسكرية، فحضر مشايخ الدروز وطلبوا استبدال ذلك بالمال، فلم يرض إلا بإحضار الرجال، فأجابوه بأنهم يبادرون إلى الإحضار، من غير تأخير ولا اعتذار، وقصدهم التخلص من هذا الظالم؛ والعاتي الغاشم، فلما وصلوا إلى الأوطان، أزمعوا على عدم الطاعة والإذعان، وغب وصول الخبر، توجهت إليهم العساكر كالجراد إذا انتشر، وكان أمير الجيوش علي آغا البصيلي وهو كبير طائفة الهوارة والصعايدة ومعه عبد القادر آغا أبو جيب من أهل الشام من ميدان الحصى، فعقدوا هناك مع كبراء الدروز مجلسًا للمشاورة في هذا الأمر، فامتنع الدروز من دفع الأنفار، وقالوا ندفع من المال ما يزيد عن البدلات، فقال البصيلي إني أرسل مراسلة أستشير بها أفندينا وعلى ذلك قر القرار، ففي تلك الليلة كبست الدروز العساكر، وأذاقتهم كؤوس المنية حتى لم يبق منهم إلا النادر، ومن جملة من قتل عبد القادر آغا أبو جيب، وكان المتسلم في جبل حوران والدروز، وآلت جميع أمتعة العساكر وآلات حروبها إلى الدروز، ولم يسلم من القتل سوى علي آغا البصيلي ومعه خمسة عشر نفرًان فوصل الخبر إلى إبراهيم باشا فصعب عليه الأمر، وصار بصره يتوقد كالجمر، وابتدر بجمع العساكر، واستعد فوق العادة من المهمات والذخائر، ووجههم للقتال، وأوصاهم بالاستئصال، فحين علم الدروز جمعوا جميع متاعهم ودخلوا اللجاه، ولا ريب أنه محل الأمن والنجاة، لأنها حصن حصين، وملجأ رصين، فغب وصول المعسكر قامت الحرب على ساق، وكان الفناء على العساكر الإبراهيمية قد ركب جواده وساق، وأول من قتل من رؤساء العساكر العظام، محمد باشا القائد العام، وتبعه يعقوب بك فقتلا اقبح قتلة، وامتد القتل إلى البقية من غير مهلة، فكانت الدروز على هذا الباغي سيف الانتقام والهوان، وبعد مدة تحرك للعصيان جبل الدروز الغربي تحت رئاسة الشيخ شبلي العريان، ولم تزل بعد ذلك يد الصغار تستطيل عليه، وتوجه جيوش التأخير إليه، وفي سنة خمس وخمسين توفي السلطان محمود، وتولى إمارة المؤمنين السلطان عبد المجيد خان، لا زالت دولتهم محفوظة إلى آخر الدوران، وفي تاريخه أمر إبراهيم باشا بأمر والده بقتل علي آغا بن محمد آغا خزنة كاتبي، وبعد مدة أمر السلطان عبد المجيد خان بخروج إبراهيم باشا بعساكره من الأرض الشامية، إلى الأقطار المصرية، فأجاب الأمر بالسمع والطاعة وجمع عساكره وذخائره ومتاعه، وفرق ذلك بالشام، على المساجد والجوامع وبيوت الأرامل والأيتام، ثم بعد شهرين من مجيء الأمر بخروجه خرج من باب الله بعساكره ونزل بسهل القدم، بعد أن جعل الشام وأهلها من كل نعمة في عدم، وذلك في اليوم السادس من ذي القعدة الحرام، سنة ست وخمسين ومايتين وألف من هجرة سيد الأنام، وكان يوم خروجه يومًا شديد الثلج والبرد، والهواء والشرد، وكان يحث عساكره على العجلة والسرعة، ومن تأخر ولو لتعب كان قبره موضعه، وأخذ معه جميع الحبوب والمواشي، من غير خوف ولا تحاشي، ولما وصل مصر امتدحه مهنئًا له الشاعر الأديب، والماهر الأريب، محمد شهاب الدين صاحب الديوان بقوله، وإن كان مدحه في غير محله: روز الشرقي مائة وثمانين نفرًا للعسكرية، فحضر مشايخ الدروز وطلبوا استبدال ذلك بالمال، فلم يرض إلا بإحضار الرجال، فأجابوه بأنهم يبادرون إلى الإحضار، من غير تأخير ولا اعتذار، وقصدهم التخلص من هذا الظالم؛ والعاتي الغاشم، فلما وصلوا إلى الأوطان، أزمعوا على عدم الطاعة والإذعان، وغب وصول الخبر، توجهت إليهم العساكر كالجراد إذا انتشر، وكان أمير الجيوش علي آغا البصيلي وهو كبير طائفة الهوارة والصعايدة ومعه عبد القادر آغا أبو جيب من أهل الشام من ميدان الحصى، فعقدوا هناك مع كبراء الدروز مجلسًا للمشاورة في هذا الأمر، فامتنع الدروز من دفع الأنفار، وقالوا ندفع من المال ما يزيد عن البدلات، فقال البصيلي إني أرسل مراسلة أستشير بها أفندينا وعلى ذلك قر القرار، ففي تلك الليلة كبست الدروز العساكر، وأذاقتهم كؤوس المنية حتى لم يبق منهم إلا النادر، ومن جملة من قتل عبد القادر آغا أبو جيب، وكان المتسلم في جبل حوران والدروز، وآلت جميع أمتعة العساكر وآلات حروبها إلى الدروز، ولم يسلم من القتل سوى علي آغا البصيلي ومعه خمسة عشر نفرًان فوصل الخبر إلى إبراهيم باشا فصعب عليه الأمر، وصار بصره يتوقد كالجمر، وابتدر بجمع العساكر، واستعد فوق العادة من المهمات والذخائر، ووجههم للقتال، وأوصاهم بالاستئصال، فحين علم الدروز جمعوا جميع متاعهم ودخلوا اللجاه، ولا ريب أنه محل
1 / 26