68

هوا جديده

حواء الجديدة

ژانرونه

فاغرورقت عيناه بالدموع وقال: تريد أن تقول: إنها تتأهب للرحيل إلى الأبدية أين هي الآن؟ - هي هنا في مصر باسم إيفون مونار.

وعند ذلك لم يستطع أن يتمالك عبراته فقال: نعم أريد أن أرى أختي. - إذن هلم معي.

وفي الحال نهضنا وركبنا مركبة إلى منزلي، وكان كل هنيهة يسألني سؤالا وهو ممتقع الوجه خافق الفؤاد، ولما صعدنا قلت: أتيت بك يا سيدي إلى منزلي أولا لكي أطلعك على تاريخ أختك قبل أن تراها، وهنا ترى المسيو موريس كاسيه فأرجو منك أن تقابله بالبشاشة مقابلة الصديق للصديق.

فنظر في مستغربا كأنه يسمع ألغازا، فقلت له: لا تستهجن أمرا الآن، فسيتضح لك كل شيء.

ولما دخلنا إلى القاعة وجدنا موريس جاثيا على الأرض ومرفقيه على المقعد، ورأسه بين كفيه، فلما شعر بدخولنا التفت، فوجدت عينيه قد تورمتا من فرط البكاء، ومنديله يذرف دموعا، وفي الحال هب إلى المسيو ماتون وهز يده، ولم يستطع أن يفوه ببنت شفة؛ لأن الحزن أخفت صوته بيد أنه دفع كتاب إيفون له، فقلت للمسيو ماتون: اقرأ هذه الكتاب لكي تعلم كيف تقابل أختك.

ثم خرجت وموريس إلى غرفتي وتركنا المسيو ماتون يقرأ وحده، استأذنني موريس أن يمضي إلى إيفون، فاستمهلته ريثما يفرغ المسيو ماتون من قراءة الكتاب، ولكني بعد برهة قصيرة رأيته أنه أصبح شعلة من شدة الحمى، وخفت أن إمساكه عندي دقيقة أخرى يجنه، فأوعزت إلى الخادم أن يرشد المسيو ماتون إلى منزل إيفون متى شاء ومضيت وموريس إليها.

كنت خائفا جدا أن تقع مقابلة موريس لإيفون موقعا سيئا على سلامتها، فأوصيته أن يكون هادئا حكيما لديها، واستحلفته أن يطاوعني في كل ما ألتمسه منه، فانقاد إلي انقياد النعجة إلى الراعي، وجدنا إيفون في خمود يدل على اقترابها من شفا المنية؛ لأن النوبات توالت عليها في ذلك الحين فلم تبق لها همة، وصرت أتوقع النوبة القاضية عليها ساعة بعد أخرى، ومع ذلك تراءت لنا كالملاك السماوي، فزال امتقاع وجهها وأصبح محياها متلألئا شفافا كحجر الكهرمان.

ولما رأت موريس ابتسمت له ابتسامة سماوية من غير أن تضطرب، وجاهدت أن تمد إليه يدها فتناولها موريس، وقبلها مرارا وكانت دموعه قد نضبت من فرط البكاء السابق، واجتهد أن يبش لها كما أوصيته، ثم جلست لدى رأسها وموريس جلس لدى صدرها، وبعد هنيهة قالت باشة: أتيت يا موريس؟ - بماذا تشائين أن أكفر عن ذنوبي يا إيفون؟ بل أرجو منك أن تغفريها؛ لأنه ما من كفارة تستطيع أن تمحوها. - سامحتك على كل إساءة في حينها يا موريس، وعذرتك عليها، ولكني ألتمس منك أن تكافئي حبي الخالص بأن تعود إلى خطيبتك التي ضحيت بقلبي لأجلها ولأجلك، إني مائتة يا موريس وماري باقية، فاستعض بها مني إن كنت لا تزال تحبني.

فجعل موريس يمرغ وجهه بيدها ويقول: إني أعبدها؛ لأنها نسخة منك يا إيفون.

فالتفتت به التفاتة استغراب فعاد يقول، قرأت كتابك يا إيفون، وعرفت منه أنك شقيقة جوزف ماتون خال ماري.

ناپیژندل شوی مخ