فرنا إليه مليا، ثم قال: عفارم يا ابن الأصول.
14
ها هو يلبد في ظلمة الممر بين السور العتيق وسور التكية. هنا، منذ أجيال، ألقي بعاشور، بلا اسم ولا شكل، في لفافة. هنا انهمرت فوقه الأناشيد بلا وعي منه. هنا امتدت إليه يد الرحمة تنتشله من الضياع. ها هي الأناشيد تتسلق أمواج الظلام:
درين زمانه رفيقي كه خالي أز خللست
صراحي مي ناب وسفينه عز لست
ستجيء مهلبية متلفعة بالظلام، يضيء قلبها في الظلمة بما ينبض به من ابتهال للحب والحياة. سوف يتلامسان في الممر، ممر الأبدية المترعة بالآمال الملتهبة، والآمال المتجددة.
حق إنه مضطرب. أكثر من مرة طوى جلبابه وبال. تصنت يحلم بالنجاة ويقارع التحديات والظنون. نذر لآل البيت خروفا. استحضر مثال عمه خضر الذي فر ضائعا ثم رجع وجيها، لعله يرجع ذات يوم ليعيد عهد الناجي إلى عرشه.
الفللي الآن يغط في نومه. يحلم بالزفاف غدا. خدرته الزغاريد والعهود والبسمات. الآن أيضا تزحف مهلبية لصق الجدار نحو القبو. لعلها في هذه اللحظة تشق الساحة والأناشيد. جسمها الحار يسوقها، وقلبها الخافق يرشدها. الأناشيد تنتظم دقات قلبها، تباركها، تبدد وحشة الظلمة.
15
من مكان ما في مملكة الظلام انطلقت صرخة. صرخة ممزقة بالفزع واليأس. سرعان ما تجسدت في صورة فريسة موءودة الفرحة. تتطلع بعينين محتجتين نحو النجم اللامع. متلاطمة مع تموجات الأنغام. مسلمة في النهاية إلى قبضة الصمت القاسي الساخر.
ناپیژندل شوی مخ