وقد روي عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: أن سديرا الصيرفي دخل عليه فقال: ما بال هذا الاختلاف الذي نسمعه بين أهل النحلة من الشيعة، وكيف اختلفوا وفي أيديهم الكتاب، والسنة، وأنت بين ظهرانيهم، وأمثالك من الأئمة؟ فأطرق مليا ثم قال: يا سدير، أما قوم ردوا ما سمعوا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إلى مقاييس عقولهم استصغارا لكلام أئمتهم، واستكبارا لأنفسهم، وإني لأحدث أحدهم بالحديث من العلم، فلا يخرج من عندي حتى [يكون] قد تأوله وفسره على محبوب نفسه، وقاسه بتمييزه وفكره، ويزعم أن لذلك باطنا غير ظاهره، وأن الباطن هو الذي كلف معرفته، حتى كأن الله عز وجل قد وكل جميع الخلق إلى نظره وتمييزه).
فمن أصولهم التي أصلوها أنهم قالوا: إن العرض شيء موجود، وقالوا: ليس بحال في الأجسام، ولا هو يوهم ولا يحس. وقالوا: إنهم يسمعون المتكلم سماع حس، ويسمعون الكلام سماع علم. وقالوا: ليس يسمع القرآن، وإنما يسمع القارئ، وهذه الجملة لا خلاف عندهم فيها. وإنما اختلفوا في نزول القرآن، فقال بعضهم: ليس هذا الذي مع الناس القرآن، وإنما هو دليل عليه.
وقال بعضهم: هو القرآن، لكنه لا يسمع، وإنما يسمع القارئ، ويعلم القرآن.
وقالوا جميعا -إلا الأقل منهم: القرآن في قلب الملك الأعلى حالة له، صفة ضرورية لا يفارقه. والعرض الضروري عندهم هو الذي لا يفارق شبحه.
مخ ۱۰۸