واعلم أن هؤلاء القوم قد أصل لهم مشايخهم في الكلام أصولا، وبنوا عليها، وعرفوها وأنكروا سواها، وصارت دينا لهم لا يرون الخروج منه أصلا، ولا يقبلون فيه حجة محتج عليهم، بل ينسبون من قال بغير قولهم إلى الجهل والخطأ، ولا يرون أن تنقض أصول مشايخهم التي أصلوها، ولو كانت ناقضة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يلزمهم ما يحتج به (عليهم) (من كتاب الله)، ولقد سمعت رجلا منهم يقول: إن القرآن خلقه الله في غير محل، وليس يتعلق بحي ولا محل؛ فافتتحت عليه الحجة من كتاب الله تعالى بقوله تعالى: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون}[العنكبوت:49]، فقال: هذا فرع، وقام ولم تلزمه حجة القرآن، وذلك أنهم استكثروا علم نفوسهم، واستقلوا علم أهل بيت نبيئهم الذين هم في عصرهم، وجهلوا علم المتقدمين منهم. وإذا علموا من كتاب الله، أو من سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو من أقوال الأئمة الهادين شيئا ينقض عليهم أصولهم تأولوه على ما يوافقهم.
مخ ۱۰۷