ثم نقضوا هذه الأصول فقالوا: العالم هو الهواء، وما حوى من الأرض والسماء وما بينهما من جميع الأشياء، فنفوا العرض بعد ما أثبتوه، إذ جعلوا جميع العالم وما كان فيه جسما، فنقضوا قولهم: (إن العرض شيء موجود)، وقالوا: القرآن في قلب الملك واللون في الملون، فأثبتوا حلول العرض في الجسم ونقضوا قولهم: (إن العرض لا يحل في الجسم). وقالوا: إن الله تعبد خلقه بمعقول ومسموع، فنقضوا قولهم: (المسموع هو المسمع)؛ ولأنهم لا يقولون: إن الله تعالى تعبد خلقه بمسمع.
ومن الرد عليهم في قولهم: ليس العرض بحال في الجسم: من كتاب الله تعالى قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ}[البروج:21،22]، وقوله: {والطور ، وكتاب مسطور ، في رق منشور} [الطور:13]، وقال: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون}[العنكبوت:49]، وقال تعالى: {إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية}[الفتح:26]، وقال: {في قلوبهم مرض }[البقرة:10]، وقال: {فعلم ما في قلوبهم }[الفتح:18]، وقال: {وقذف في قلوبهم الرعب } [الحشر:2]، فدلت هذه الآيات على أن العرض يحل في الجسم؛ لأن كون العرض في الجسم يوجب حلوله فيه؛ لأن (في) حرف يوجب التضمين، ومحل الشيء في الشيء.
مخ ۱۰۹