250

داسې وویل زرادشت: کتاب په ټولو او هیڅ کې د ټولو لپاره

هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد

ژانرونه

مختار التسول

وعندما بارح زارا أقبح العالمين أحس بوحدته، ومشى الصقيع في أعضائه لما مر في رأسه من أفكار غريبة لافحة، ولكنه ذهب يجد السير تارة على المراعي المخصبة المشرفة على البحر وطورا وراء الجبل حيث جف النهر، فانكشف مسيله الموحش تحف به الصخور، فتشددت عزيمته وعادت إليه حرارته فقال في نفسه: «لعلني على مقربة من إخوان لا أعرفهم يدورون في هذه الأرجاء، ولعل ما أحس به من أنس بعد الوحشة ومن حرارة بعد الصقيع يهب من أنفاسهم فتهش لها نفسي.»

وتطلع من موقفه إلى ما حوله فإذا به يرى قطيعا من الأبقار على مرتفع، فأدرك أن ما ضاع من لهاث هذه القطيع قد كان السبب في إنعاش قلبه.

وما أحست الأبقار بقدومه؛ إذ كانت موجهة انتباهها إلى خطاب كان يلقى عليها، وما تقدم زارا بضع خطوات حتى سمع صوت إنسان يرتفع من وسط الحلقة، وقد أدارت الأبقار رءوسها إلى مصدر الصوت فأسرع زارا إلى اختراق الحلقة ، فإذا برجل جالس على الحضيض يتكلم محولا كل جهده لإقناع الأبقار بألا تنفر منه.

وكان المتكلم أحد أنصار السلام ومن وعاظ الجبال المتصفين باللطف، وقد أشع العطف من عينيه.

وتقدم زارا وسأله بدهشة عما يفعل، فأجاب الرجل: إنني أطلب هنا ما تطلبه أنت، فأنا أفتش على سعادة الحياة، وقد أردت أن تعلمني الأبقار حكمتها، فمضت نصف الصبيحة وأنا أهيب بها إلى التكلم حتى كادت تنطق فأتيت أنت تكدر صفونا.

إذا نحن لم نرجع فنصير مثل هؤلاء الأبقار فلن ندخل ملكوت السماء ... لأن علينا أن نقتبس من الأبقار اجترارها.

والحق لو أن الإنسان ربح العالم كله، ولم يتعلم الإمعان في تفكيره كما تمعن الأبقار في مضغها، فأية فائدة له من الحياة؟ لأنه إذا لم يجتر بتفكيره فلا شفاء له من أشد أدوائه، وداء الإنسان العقام اليوم إنما هو داء الاشمئزاز، ومن من أبناء هذا الزمان لا تتقزز نفسه وعيناه وفمه، أفما أنت كسائر الناس يا هذا؟ انظر إلى الأبقار.

قال واعظ الجبل هذه الكلمات ثم أمعن النظر في زارا بعد أن كان يعلقه على أبقاره، فتغيرت سحنته وهتف قائلا: من هو من أخاطب؟

ونهض عن الأرض فجأة وهو يقول: هذا هو المتعالي عن كل اشمئزاز، هذا هو زارا بعينه، هذه عينه وهذا فمه وهذا قلبه.

ناپیژندل شوی مخ