101

حديث عيسى بن هشام

حديث عيسى بن هشام

ژانرونه

12

عيني وسدرت

13

فلم أبصر في الشمس عند الباب إلا بعد التردد مرارا بينها وبين الظلام، ولما التقيت بالباشا في الموضع الذي كان ينتظرني به سألني عن طول هذا الغياب، فلم أرد أن أضيف إلى مصائبه مصيبة أخرى بوصف ما كنت فيه، بل كتمته إياه وأخبرته بتيسير الحاجة، ثم اتفقنا مع الغلام على أن يباشر وضع اسم الكاتب في الورقة، ويعود في اليوم الثاني إلى الشيخ الكاتب ليأتينا بصورة الوقفية، بعد أن نقدناه ما نقدناه.

ثم دارت بعد ذلك علينا الأيام ومضت الشهور، ونحن نتردد على الدفترخانة تارة في صحبة الغلام، وتارة بدونه إلى أن حل الأجل وآن الأوان، فجاءنا الغلام ذات يوم يبشرنا بالوقوف على الوقفية ففرحنا فرح الغواص بدرة التاج، تحت تلاطم الأمواج، ونهضنا معه إلى الدفترخانة فرأينا الشيخ الكاتب عند الباب يتيه إعجابا بمهارته في الاهتداء عليها مع قصر الوقت، ويحمد الله على حسن الطالع وسعود الجد فحمدناه على همته العالية وصنعه الجميل، فأخرج من تحت إبطه أوراقا بالية متخرقة متآكلة لا تستوي منها ورقة مع أختها فيها سطور متقطعة وخطوط متوزعة لا يستطيع أن يحلها إلا من كان عريقا في كشف الرموز وفك الطلاسم، فقلت له: إن الاهتداء إلى نقل صورة مفهومة من هذه الأوراق لأعظم مشقة وأدهى بلية من الاهتداء على موضعها من تلك الصحراء المظلمة، فقال لي: إن كثرة التعود تيسر العسير وتهون الصعب، وقد ورثت عن المرحوم والدي أيضا قراءة هذه الخطوط وتلفيق مارث من أواخر السطور، والعبارة واحدة لا تتغير تقريبا في كل باب من أبواب السجلات، ورأيته يستعد ليسترسل في أبواب الشرح والوصف، وخفت أن تشتد به نوبة الهذر والإكثار فودعناه وانصرفنا، وكلفنا غلام المحامي أن يأتي لنا بالصورة من عنده بعد انتهائها، فطلب منا أن ندفع «رسمها» وأن نأتي بشاهدين يشهدان علينا باستلامها، ووعدنا بأنه ينوب عنا في اجتلابهما بعد أن طالبنا بالمكافأة الواسعة، على هذه الخطوة السابعة.

المحكمة الشرعية

قال عيسى بن هشام: ولما صارت في يدنا الصورة، بعد تلك المواقف المذكورة، خطا غلامنا الثامنة من خطواته، في بعض روحاته إلى المحكمة وغدواته، فذهب إلى كاتب «الطلبات» لتحديد إحدى الجلسات، ثم عاد فبشرنا بأن الكاتب اتفق مع الرئيس، على أن تكون الجلسة في يوم الخميس، وأنه حرر «طلبا» لحضور الخصوم، في الوقت المعلوم، فأقمنا أياما نعلل النفس بالأمل، حتى حل هذا الأجل، وسمح لنا الطالع بطلعة الشيخ المحامي ولقائه، بعد طول احتجابه عنا واختفائه، ورضي أن يتوجه معنا إلى المحكمة، ليكشف عنا بيمنه كل مظلمة، فسرنا جميعا نقصد بيت القضاء الشرعي، والحكم المرضي، والعدل المقضي، بوحي الإله وسنة النبي، حيث تقام منابر الهدى، وتشاد منائر التقى، وينبلج نور الحقيقة والعدالة، وتنكشف ظلمة البدعة والضلالة، ويؤخذ من الظالم للمظلوم، وينتصف من الحاكم للمحكوم، ويسار على الصراط السوي، في الحكم بين الضعيف والقوي، حيث تتحد المواقف والأقدام، وتستقيم الأوامر والأحكام، وتغدو فيه الثكلى ربة الأيتام، أعز من الفارس رب الرمح والحسام، ويصبح الأعزل الشاكي، أقوى من المدجج الشاكي،

1

ويتساوى لديه رب الشويهة والبعير،

2

ناپیژندل شوی مخ