وينبغى لمن اراد ان يفتح بيرا ان يترجى ذلك فى شهر اغشت والعلة فى ذلك ما ذكره الاوائل من اهل الهندسة والمعرفة بهذا المعنى وهو ان الشمس اذا سامتت الارض جففت رطوباتها [رطوبتها؟] فانجذبت الى اسفل وتقرب من وجه الارض ولا تزال الرطوبة تنتقل كذلك الى شهر اغشت وهو آخر الحر يتناهى بعد الماء من وجه الارض وهذا معروف بالعيان موجود بالحس.
ومما يستدل به على بعد الماء وقربه وقلته وكثرته ان ينظر الى الموضع فان كان ينبت البطم والعليق والبردى والسعد والحماض والعوسج الصغير وهو الحلب ولسان الثور وكزبرة الببر والبابونج واكليل الملوك والضومران والدم، فانه حيث كان هذا الحشيش كله او بعضه دائم نباته قوى غض كثير ورقه ملتف وهو دليل على كثرة الماء فى باطن الارض وعلى قدر غضارته وتنعمه يكون قرب الماء فى ذلك الموضع والله اعلم.
ومما يستدل به ايضا على كثرة الماء فى موضع الماء وعذوبته او مرارته ان يحفر فى ذلك الموضع الذى ظهرت فيه علامة الحشيش الذى قدمنا ذكره حفرة يكون عمقها ثلاثة اذرع وتصنع نصف كورة مجوفة من نحاس او رصاص او دوم فان كانت من دوم طلى داخلها بالشمع المذاب او الزفت ويكون قدرها ان تسع عشرة ارطال من الماء او اكثر من ذلك ثم تأخذ شيئا من صوف مغسول ويربط بخيط ويلصق ذلك الخيط فى قاع الاناء ويقلب ذلك الاناء على فيه فى قاع الحفرة ولا تبلغ الصوف الى الارض ثم يجعل حوله ورق خضر او عشب رطب لين ويغطى به الاناء على قدر ارتفاع الذراع ويردم ما بقى من الحفرة بالتراب. يفعل ذلك بها عند غروب الشمس فاذا كان من الغد قبل طلوع الشمس رفع التراب والعشب رفعا رفيقا ثم يقلب الاناء وينظر الى داخله فان كان الصوف قد ابتل بالماء والاناء كذلك علم ان فى ذلك الموضع الماء الكثير ثم يستطعم الماء الذى فى الصوفة، فان وجد عذبا فماء ذلك الموضع عذب وان كان مرا او ملحا فماء ذلك الموضع كذلك وان انت لم نجد [تجد] فى الصوفة ماء ولا رأيت فى ذلك الموضع من العلامة شيئا اعلم بان ذلك الموضع لا ماء فيه البتة
مخ ۱۷۵