71

الصبا، ضحية للاستقلال بالرأي، أو ضحية «أرنبة الأنف» لا تنزل على المهانة في أي حال.

ويلبث حتى أعقاب سنة 1918 إذ تقف رحى الحرب فيتقدم في أصحابه الغطاريف

4

للمطالبة بحق مصر في حريتها واستقلالها، ويؤلفون الوفد المصري ويهيبون بالبلاد فتنهض في آثارهم، فتقبض السلطة القوية عليه مع دولة رئيس الوفد واثنين من أعضائه وتنفيهم إلى مالطة، فيمضون إليها بارزي الصدور، مرفوعي الأنوف، هاتفين ملء أشداقهم: ألا في سبيل مصر، فلتحي مصر! ثم كان من شأن الوفد وعظيم جهاده ما تعرف، ولا محل لمعاودة القول فيه، إلا أن ألمع إلى ما كان لمحمد باشا محمود فيه من كريم المنزلة بشدة عقله، وصحة رأيه، وقوة عصبيته في كبد الصعيد.

ولا يفوتنا في هذا المقام أن ندل على سعيه في أمريكا إذ شخص عن الوفد لبث الدعوة المصرية هناك، فتم له كل ما أراد من الفوز والنجاح.

وهو من أوائل من استراحوا إلى فكرة الائتلاف السعيدة إن لم يكن أولهم جميعا، كما كان من أعظم العاملين على تحقيقها. •••

وإذا كان محمد باشا محمود مدينا بماضيه الشريف القوي «لأرنبة أنفه»، فهو كذلك مدين لها بكل ما يحقد عليه الناس. واسمح لي في هذا المقام يا معالي الوزير أن أضغط على «أرنبة أنفي» أنا الآخر فأرفعها بمقدار 2 سنتيمتر حتى أستطيع أن أصارحك القول وأخاطبك خطاب الأكفاء للأكفاء: إن خلقا من خلق الله، وأنا مع الأسف منهم، شديدو الموجدة عليك بما يظنون فيك من جنف

5

وكبر وتهاون للناس. وإنك لتقتضيهم أن يتوافوا لدعوتك للشئون العامة بكل ما ملكوا من رأي وجاه ومال، حتى لو دعا الأمر إلى ابتذال المهج، والتضحية بالأهل والولد، إذ أنت لا تحتفل لحاضر، ولا تتفقد غائبا، ولا تعود مريضا، ولا تشيع جنازة ميت، ولا تأبه لأصحابك مهما كرثهم من الأمر ونزل بهم من المكروه، حتى في الوقت الذي يحتاج فيه الداعية إلى مصانعة جميع الناس!

وإني لأصارحك بهذا «ورزقي على الله» فإن كنت آخذي على هذه المعتبة بقطع «التليفون» عني، فلا أحوجني الله إليه، أو مجازي بمنعي من السفر في سكة الحديد، فإني «أدق كعب» إذا لم تتهيأ لي الجمال ولا البراذين، أو معاقبي بعدم التخاطب بالبريد، فليست كتبي مما يسر القلب، وتفضل من اليوم بتحويلها إليك فلن ترى فيها إلا مطالبة «بذمامات» متأخرة، وتذكيرا بديون منساة. وعلى كل حال «فالله يغنيها» عن وزارة المواصلات كلها.

ناپیژندل شوی مخ