تقريظ المفتى الأول الحنفي بالديار التونسية، ونخبة العلماء الحنفية بها، العلامة النحرير المتفنن، سيدي محمد بن يوسف -الله يبقيه، ونصه:
بسم الله، ما شاء الله، حمدًا لمن أظهر مواهب العلماء بنتائج الأفكار، ومدارك الأنظار، وخلَّد مآثرهم على صفحات القلوب، وصحائف الأسفار، فتنافست في اجتناء فوائدها، واقتناء فرائدها، أرباب البصائر والاعتبار، على تداول الأزمَّة والأعصار، وصلاة وسلامًا على ما تلألأت شريعته الغراء ومجبته البيضاء، مطالع ومظاهر الحكم والأسرار، سيدنا ومولانا محمد تاج الرسالة، وعين الرحمة المنثالة، النبي الصوة المختار، وعلى آله وأصحابه مصابيح الهدى، وأعلام الاهتداء، أمناء الوحي والآثار، أولئك هم الفضلاء الأخيار.
وبعد، فإن لإيضاح الحقائق فضيلة ومزية، والشمس عن مدح المادح غنية، ولكن الاختراع في إبرازها، وتمييز صدورها من أعجازها، هي المزية الأولى، وبموارد التصنيف الأجدر والأولى، يستلفت أريحية الناظر بعاطفة مستجدة، وطارفة من أفانين البلاغة مستمدة، فلا يزال كلفًا بما فيه، مغتبطًا بمنازعه وماحيه، ودونك ما سمحت به الأيام، وأهداه واضعه تحفة للأعلام، وغرة في جبين عالم الإسلام، كتاب "الفكر السامي"، فقد كساه الاختراع حللًا عبقرية، وقلده الإبداع من الجواهر حليه، وخلعت عليه الإجادة بهاءها، ومدت إليه الإفادة أضواءها، ناهيك به من ذخيرة صانها الدهر لهذا العصر، ما لمحاسنها من حصر، ومدون أحكم تاريخ الفقه الإسلام وفصله، وميز كل طور من أطواره بما انتمى إليه ووصله، فجاء بحمد الله كتابًا حافلًا مفيدًا، وفنًّا من الفنون الشرعية مبتكرًا جديدًا، ترتاح له الأسماع والنفوس، ويقول مجتليه: لا عطر بعد عروس، حيا الله جامعه، المبدي بدائعه، ألا وهو العلم الفرد والحهبذ الدراكة الأوحد، مفخر التخوم المغربية، وحامل راية العلوم الشرعية والأدبية، العمدة الهمام، العلامة المفضال أبو عبد الله الشيخ، سيدي محمد الحجوي -شكر الله سعيه، وأدام حفظه ورعيه، فلقد تقدَّم لاستنباط هذا الفن العزيز من مشارعه، واستخصله استخلاص الإبريز من معاهده ومواقعه، فأفرده ورسمه،
1 / 29