قوله: " وعن معاذ بن جبل قال: "كنت رديف النبي صلي الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: " يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على العباد: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: لا تبشرهم فيتكلوا " أخرجاه في الصحيحين".
هذا الحديث في الصحيحين من طرق. وفي بعض رواياته نحو مما ذكره المصنف.
و"معاذ بن جبل" ﵁ هو ابن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن، صحابي مشهور من أعيان الصحابة، شهد بدرا وما بعدها. وكان إليه المنتهى في العلم والأحكام والقرآن ﵁. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: " معاذ يحشر يوم القيامة أمام العلماء برتوة " ١. ٢ أي بخطوة، قال في القاموس: "" والرتوة الخطوة وشرف من الأرض، وسويعة من الزمان، والدعوة، والفطرة، ورمية بسهم أو نحو ميل أو مدى البصر. والراتي العالم الرباني". انتهى.
وقال في النهاية: إنه يتقدم العلماء برتوة أي برمية سهم. وقيل: بميل. وقيل: مد البصر. وهذه الثلاثة أشبه بمعنى الحديث. مات معاذ سنة ثماني عشرة بالشام في طاعون عمواس. وقد استخلفه النبي صلي الله عليه وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم.
قوله: "كنت رديف النبي ﷺ" فيه جواز الإرداف على الدابة، وفضيلة معاذ ﵁.
قوله: "على حمار" في رواية: اسمه عفير، قلت: أهداه إليه المقوقس صاحب مصر.
وفيه: تواضعه صلي الله عليه وسلم لركوب الحمار والإرداف عليه، خلافا لما عليه أهل الكبر.
قوله: "أتدري ما حق الله على العباد" أخرج السؤال بصيغة الاستفهام؛ ليكون أوقع
_________
١ قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من مرسل أبي عون الثقفي، وأورده ابن عساكر في تاريخ دمشق من طرق عن محمد بن الخطاب.
٢ صحيح: روي من حديث عمر بن الخطاب مرفوعا. أخرجه ابن سعد (٢/٣٤٨،٥٩٠)، وأبو نعيم في الحلية (١/٢٢٨) وإسناده ضعيف كما في الصحيحة (٣/٨٢)، ومن مراسيل محمد بن كعب وأبي عون والحسن البصري. وهي عند ابن سعد (٢/٣٤٧) وهي مراسيل صحيحة. كما قال الألباني (٣/٨٣) الصحيحة ثم قال: "وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح بلا شك ولا يرتاب في ذلك من له معرفة بهذا العلم الشريف" اهـ.
1 / 26