قوله: "قال ابن مسعود: من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلي الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ " ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ - إلى قوله-: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا﴾ الآية".
قوله: "ابن مسعود" هو عبد الله بن مسعود بن غافل - بمعجمة وفاء - ابن حبيب الهذلي أبو عبد الرحمن، صحابي جليل من السابقين الأولين، وأهل بدر وأحد والخندق وبيعة الرضوان ومن كبار علماء الصحابة، أمره عمر على الكوفة، ومات سنة اثنتين وثلاثين ﵁.
وهذا الأثر رواه الترمذي وحسنه، وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بنحوه.
وقال بعضهم: معناه من أراد أن ينظر إلى الوصية التي كأنها كتبت وختم عليها فلم تغير ولم تبدل فليقرأ " قل تعالوا " إلى آخر الآيات، شبهها بالكتاب الذي كتب ثم ختم فلم يزد فيه ولم ينقص. فإن النبي صلي الله عليه وسلم لم يوص إلا بكتاب الله، كما قال فيما رواه مسلم: " وإني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله " ١، وقد روى عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "أيكم يبايعني على هؤلاء الآيات الثلاث؟ ثم تلا قوله: " ﴿قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ﴾ ٢ حتى فرغ من الثلاث الآيات". ثم قال: " من وفى بهن فأجره على الله، ومن انتقص منهن شيئا فأدركه الله به في الدنيا كانت عقوبته، ومن أخره إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه " ٣. رواه ابن أبي حاتم والحاكم وصححه ومحمد بن نصر في الاعتصام٤.
قلت: ولأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يوص أمته إلا بما وصاهم الله تعالى به على لسانه. وفي كتابه الذي أنزله ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ ٥ وهذه الآيات وصية الله تعالى ووصية رسوله ﷺ.
_________
١ الترمذي: المناقب (٣٧٨٨)، وأحمد (٣/١٤،٣/١٧،٣/٢٦،٣/٥٩) .
٢ سورة الأنعام آية: ١٥١.
٣ مسلم: كتاب الحج (١٢١٨) (١٤٧): باب حجة النبي ﷺ من حديث جابر الطويل، والنسائي: البيعة (٤١٦١)، وأحمد (٥/٣١٤) .
٤ ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير (٢/١٩١)، والحاكم (٢/٣١٨) في تفسير سورة الأنعام. وصححه ووافقه الذهبي من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي إدريس الخولاني عن عبادة به وسفيان بن حسين قال الحافظ في التقريب (١/٣١٠) "ثقة في غير الزهري باتفاقهم".
٥ سورة النحل آية: ٨٩.
1 / 25