قوى الأجداد
ليست الشعوب أكثر من الكون حيازة للثبات الذي يلوح أن كتب التاريخ تعزوه إليها، فالجماعات البشرية في تطور مستمر كجميع الموجودات، ويشبه الشعب بنهر ذي ثبات ظاهر بسبب جمود ضفتيه على الرغم من جريانه الدائم.
وتتألف الضفاف التي توجه مجرى النهر البشري من شبكة وثيقة من مختلف العوامل، وهي: الوراثة، والمعتقدات، والعادات، والقوانين، والأخلاق، والتربية، إلخ. فإذا بقيت هذه الأمور الناظمة على حالها من غير كبير تحول كانت التقلبات الاجتماعية من البطء ما تبصر معه بصرا ضعيفا، والتاريخ زاخر بأمثلة هذا الثبات الوهمي، كعصر بركلس وعصر أغسطس وعصر لويس الرابع عشر، إلخ.
وهذه الأدوار العظيمة متجانسة ، لا لأن التطور الذي لا مفر منه قد وقف مجراه، بل لتجلي ثبات المبادئ الناظمة الدينية والسياسية والأدبية، إلخ، واستمرارها في جميع عوامل الحياة الاجتماعية.
والشعب لكي ينال هذه الوحدة التي لا يستطيع أن يفلح بغيرها، لا بد له من اكتساب بعض ثبات في الأفكار والمشاعر والمعتقدات، يمكنه أن يحول إلى كتلة متجانسة نقع الأفراد الذين كان قد تألف منهم في البداءة.
والصعوبة هي في نيل درجة من الثبات الوثيق ما تبقى به الكتلة على شيء من المرونة تستطيع أن تتطور معه.
وقليل من الأمم من عرف أن يحقق شرطي التقدم هذين. •••
وفي الصف الأول للعلل الكبيرة التي تعين التاريخ تبرز العوامل الموروثة من الأجداد، أي: مجموع القابليات التي تولد مع الإنسان، وكنا قد أشرنا إلى هذه القوى عندما درسنا عملها في تكوين ذاتيتنا الخلقية، فمن روح الأموات تكونت روح الأحياء، وفينا لا في المقابر يرقد من زالوا بالحقيقة، ويوجد كثير من القرون خلف كل موجود أتى إلى النور، ويبقى هذا الموجود متأثرا بماضيه.
وبما أنني عالجت هذا الموضوع في كتاب آخر فإنني أقتصر هنا على تلخيص بعض أقسامه الأساسية:
تدل الملاحظة على أنه يمكن أن تقسم الأمم تقريبا إلى عروق ابتدائية، وعروق دنيا، وعروق متوسطة، وعروق عالية.
ناپیژندل شوی مخ