إهداء الكتاب
مقدمة المترجم
المقدمة
الباب الأول: فلسفة الكون الحاضرة
1 - القوى المبدعة
2 - حوادث الحياة وأشكال الذكاء المجهولة
3 - أصل نشاط الموجودات
4 - تقلب الذاتيات الفردية والجماعية
الباب الثاني: تفاسير التاريخ المختلفة
1 - مبادئ التاريخ الروائية واللاهوتية والفلسفية
ناپیژندل شوی مخ
2 - التعميمات في التاريخ
3 - مصادر الخطأ في التاريخ
4 - روح النقد في التاريخ
الباب الثالث: إصلاحات التاريخ العلمية
1 - أشكال التطور الاجتماعي العامة
2 - تعيين الحوادث بالشهادة
3 - تعيين حوادث التاريخ بدراسة المباني والكتابات والأوسمة
4 - تعيين بعض الحوادث الاجتماعية بالإحصاء
5 - تعيين مزاج الأمة النفسي بدراسة إنتاجها الأدبي
6 - تعيين معنى الكلمات في دراسة التاريخ
ناپیژندل شوی مخ
الباب الرابع: العناصر الموجدة للتاريخ
1 - قوى الأجداد
2 - الخلق والذكاء
3 - المعتقدات الوجدية ذات الشكل الديني
4 - المعتقدات الوجدية ذات الشكل السياسي
5 - العادات والأخلاق والتربية
6 - النظم السياسية
الباب الخامس: العناصر التي تنحل بها حياة الأمم
1 - زوال المعتقدات
2 - الأوهام السياسية
ناپیژندل شوی مخ
3 - اصطراع المبادئ الحديثة في المساواة وزيادة التفاوت في الذكاء
4 - شأن الجماعات الحاضر
الباب السادس: عوامل التاريخ الجديدة
1 - تطور العالم الاقتصادي وعناصر اليسر الحديثة
2 - الوضع الحاضر لأهم دول العالم
3 - سادة العالم الجدد
4 - تطور الحضارات
تعليقات ختامية
مختارات من رسائل تبادلها المؤلف وبعض أقطاب السياسة
مختارات من كتب المؤلف السابقة حول بعض المسائل التي جاءت في هذا الكتاب
ناپیژندل شوی مخ
خلاصة عامة
إهداء الكتاب
مقدمة المترجم
المقدمة
الباب الأول: فلسفة الكون الحاضرة
1 - القوى المبدعة
2 - حوادث الحياة وأشكال الذكاء المجهولة
3 - أصل نشاط الموجودات
4 - تقلب الذاتيات الفردية والجماعية
الباب الثاني: تفاسير التاريخ المختلفة
ناپیژندل شوی مخ
1 - مبادئ التاريخ الروائية واللاهوتية والفلسفية
2 - التعميمات في التاريخ
3 - مصادر الخطأ في التاريخ
4 - روح النقد في التاريخ
الباب الثالث: إصلاحات التاريخ العلمية
1 - أشكال التطور الاجتماعي العامة
2 - تعيين الحوادث بالشهادة
3 - تعيين حوادث التاريخ بدراسة المباني والكتابات والأوسمة
4 - تعيين بعض الحوادث الاجتماعية بالإحصاء
5 - تعيين مزاج الأمة النفسي بدراسة إنتاجها الأدبي
ناپیژندل شوی مخ
6 - تعيين معنى الكلمات في دراسة التاريخ
الباب الرابع: العناصر الموجدة للتاريخ
1 - قوى الأجداد
2 - الخلق والذكاء
3 - المعتقدات الوجدية ذات الشكل الديني
4 - المعتقدات الوجدية ذات الشكل السياسي
5 - العادات والأخلاق والتربية
6 - النظم السياسية
الباب الخامس: العناصر التي تنحل بها حياة الأمم
1 - زوال المعتقدات
ناپیژندل شوی مخ
2 - الأوهام السياسية
3 - اصطراع المبادئ الحديثة في المساواة وزيادة التفاوت في الذكاء
4 - شأن الجماعات الحاضر
الباب السادس: عوامل التاريخ الجديدة
1 - تطور العالم الاقتصادي وعناصر اليسر الحديثة
2 - الوضع الحاضر لأهم دول العالم
3 - سادة العالم الجدد
4 - تطور الحضارات
تعليقات ختامية
مختارات من رسائل تبادلها المؤلف وبعض أقطاب السياسة
ناپیژندل شوی مخ
مختارات من كتب المؤلف السابقة حول بعض المسائل التي جاءت في هذا الكتاب
خلاصة عامة
فلسفة التاريخ
فلسفة التاريخ
تأليف
غوستاف لوبون
ترجمة
عادل زعيتر
إهداء الكتاب
إلى
ناپیژندل شوی مخ
صديقي المفضال
ألبردلاتور
العضو في المجمع العلمي
والقاضي السابق في مجلس الدولة.
مع الاحترام الودي
غوستاف لوبون
مقدمة المترجم
هذه ترجمة آخر كتاب للفيلسوف العلامة الفرنسي «غوستاف لوبون.» فقد أخرج للناس في سنة 1931 ومات مؤلفه في سنة 1932. وبهذا الكتاب أكون - مع ما قدمت من ترجمة كثير من كتب لوبون الاجتماعية والتاريخية والفلسفية - قد أدخلت كتب لوبون المهمة الآخذ بعضها برقاب بعض إلى العربية، إدخالا يخيل إلى الباحث معه أن هذا الحكيم الجليل من العرب، ولا عجب، فلوبون واضع سفر «حضارة العرب».
وهذا الكتاب - على ما يرى من انسجامه مع ما ترجمنا من كتب لوبون - يشتمل على موضوعات جديدة زاخرة، لم تعالج في مؤلفات لوبون الأخرى.
وكتاب «الأسس العلمية لفلسفة التاريخ» هذا ينطوي على مباحث علمية مؤدية إلى تغيير الأفكار القديمة حول حوادث الحياة وأصل الإنسان وتطور العناصر التي تكون منها، تغييرا تاما، كما ينطوي على مناهج تصلح لتمثل حوادث الماضي وعالمها.
ناپیژندل شوی مخ
وهذا الكتاب يساعد على وضع فلسفة للطبيعة - ومن ثم للتاريخ - تختلف عن الفلسفات التي سبقتها اختلافا تاما.
فلعلني أكون قد ملأت به فراغا في حقلنا العلمي الأدبي الذي لا يزال كثير الثغرات.
عادل زعيتر
نابلس
شكل 1: مسكوكات قديمة دالة على مشاعر زمنها، وهي أوسمة ضربها غريغوار الثامن وشارل التاسع تذكارا لمذبحة السان بارتلمي.
المقدمة
الأسس الجديدة لفلسفة التاريخ
تتألف فلسفة كل علم من مبادئه العامة، وإذا تحول هذا العلم تحولت فلسفته أيضا.
ويعاني التاريخ هذه السنة العامة، وإذ تزول المبادئ التي كانت سندا له مناوبة فإنه يبحث عما يعتاض به من أسسه السابقة في التفسير.
وإذ يقتصر التاريخ على عرض بسيط للوقائع التي كان العالم مسرحا لها يلوح كدسا من الملتبسات الصادرة عن مصادفات مفاجئة، وتبسط أهم الحوادث فيه من غير صلة بينة، ويؤدي أدق العلل وأصغرها إلى نتائج عظيمة جدا.
ناپیژندل شوی مخ
ويعد عدم وجود صلة منظورة بين تفه العلل وعظم النتائج من أكثر حوادث حياة الأمم وقفا للنظر، ومن ذلك أن ظهر في صميم بلاد العرب سائق إبل اعتقد اتصاله بالرب فأبدع بأخيلته دينا، فأقيمت بفعل الإيمان الجديد إمبراطورية عظيمة في سنين قليلة، وتمضي بضعة قرون فيؤدي ما صدر عن ملهم جديد من كلام ناري إلى انقضاض الغرب على الشرق، فتقلب بذلك حياة الأمم. وفي أيامنا تصطرع دولة بلقانية حقيرة وإحدى الدول العظمى، فتخرب أوربة بأدمى الحروب التي سجلها التاريخ.
ويواصل هذه السلسلة للحوادث غير المنتظرة نفر من المتهوسين الذين أعمتهم أوهام سياسية مجردة، كذلك، من الأسس العقلية تجرد المعتقدات الدينية القديمة، ويقبضون على زمام روسية، ولم تلبث هذه الإمبراطورية العظيمة أن غرقت في بؤس عميق.
ووقائع مثل هذه مما يبلبل العقل، ولا ريب في أن لها عللها (ولعدم السياق علله)، ولكن تعيين هذه العلل هو من البعد والتعقيد أحيانا ما يوضع معه فوق وسائل التحليل. •••
تنشأ الحوادث التي يتألف منها التاريخ عن عوامل مختلفة، ومن هذه العوامل ما هو ثابت كالأرض والإقليم والعرق، ومنها ما هو عارض كالأديان والغزوات، إلخ ...
ومبدأ العلة هذا هو من أكثر ما يشغل بال الفلاسفة، ويجد أرسطو أربعة معان مختلفة لكلمة: «العلة». وإذا ما نظر إليها من الناحية العملية وجد أنها تدل على حادثة تؤدي إلى أخرى، بيد أن المعلول لا يعتم أن يصبح علة بدوره، ويرى العالم قد تألف من شبكة ضرورات يمثل كل واحدة منها معلولا وعلة معا.
وفي التاريخ تبلغ الحوادث من الانتظام ما يجب أن يرجع معه إلى مدى بعيد جدا أحيانا، وذلك لتعيين تعاقب العوامل التي أدت إليها.
ومن أعظم ما في معرفة التاريخ من مصاعب كون الحاضر الذي يكتنفنا، ونراه جيدا، صادرا عن ماض بعيد لا نراه، فيقتضي حسن إدراك الحوادث أن يرجع إلى سلسلة طويلة من العلل السابقة.
وقليل من الوقائع ما يمكن إفراده في التاريخ، فمن الحوادث التاريخية وما تشتق منه تتألف سلسلة متصلة يتعذر فصل حلقاتها عنها، فلولا الحروب الأهلية في رومة لاستحال ظهور القياصرة.
وكان سبب حرب سنة 1871 المباشر برقية دبلمية، وكانت مصادرها البعيدة معركة ينا التي هي نتيجة الثورة الفرنسية، هذه الثورة التي هي نتيجة سلسلة طويلة من الحوادث السابقة، ولولا ينا ما كنا لنعرف الوحدة السياسية الألمانية على ما يحتمل، هذه الوحدة التي أوجبت سدان. وهكذا نجد أن نابليون الأول أعد الصراع إذا ما رجعنا إلى سلسلة العلل، وكان إنذار النمسة إلى صربية - الذي هو حادث أولي للحرب العظمى - نتيجة سلسلة طويلة من الوقائع لا يمكن إدراكه بغيرها، وكانت عللها المباشرة، وهي ما حدث من جدل بين صربية والنمسة، وما تبع ذلك من إعلان النفير العام في روسية، إلخ، من قلة الأهمية ما كان الدبلميون يأملون معه منع وقوع الصراع، ولم تك جهودهم مجدية؛ وذلك لأنه كان ينتصب خلف العلل الحاضرة الضعيفة عامل القوى المتراكمة نحو غرض واحد منذ زمن طويل والتي كانت من شدة الوطء ما لا تذلله جهود التسكين.
وإذا ما اقتصر المؤرخ في البحث عن مصادر الحرب الأوربية على المفاوضات الدبلمية التي أسفرت عن انقضاض بعض الأمم الأوروبية الكبرى على بعض، لم يدرك شيئا من تكوين هذه الكارثة الهائلة، وهو يقول في نفسه سائلا بلا ريب: إذا كان جميع هؤلاء الأقطاب قد انتهوا إلى الحرب على الرغم من جهودهم الواضحة التي تهدف إلى حفظ السلم، أفلا يكونون قد أصيبوا بجنون؟ لقد نشأ عن سلسلة من العلل البعيدة وجود قوى أشد من إرادتهم، ومن العبث أن تحركوا لإبقاء سلم كانت تفر منهم سريعا، ومن العبث أن أبدوا يأسا عميقا عندما ظهرت هوة مقدرة مفتوحة أمامهم، فما كانوا ليسيطروا على الحال ما داموا غير مؤثرين في الماضي.
ناپیژندل شوی مخ
ويغدو التاريخ أمرا مستحيلا إذا ما وجبت دراسة تعاقب العلل البعيدة التي تعين كل حادثة؛ ولذلك يجب أن يسلم بدراسة العلل مباشرة، ثم ببحث موجز في العوامل العامة التي كانت ذا أثر في تكوينها زمنا طويلا، أجل، تتألف حوادث التاريخ من الوقائع غير المنتظرة، كقيام أديان عظيمة قادرة على تغيير الحضارة، وخضوع أوربة لضابط بسيط صار إمبراطورا. ولكنه يشاهد بجانب هذه الانقلابات العارضة تسلسل على شيء من الانتظام في تطور الأمم وتتبع العناصر الأساسية للحياة الاجتماعية، كالنظم السياسية والتملك والأسرة، إلخ، سيرا وثيقا كالذي تتحول به الخلية الدنيا إلى بلوطة خضراء، فحال الأمة الحاضر يعين بتعاقب أحوالها السابقة، ويخرج الحاضر من الماضي كما يخرج الزهر من البذر. •••
وفي دور بعيد قليلا حين لخص بوسويه مبادئ زمنه في الكون والإنسان في رسالة مشهورة، كان يمكن فلسفة التاريخ أن تصاغ في بضعة أسطر فيقال: إن قدرة صمدانية قاهرة كانت توجه مجرى الأمور وتنظم مصير المعارك، فلا تقع أية حادثة خارج إرادتها.
وقد عدل العلماء عن هذا المبدأ على العموم ومع ذلك لا يزال منتشرا؛ ومن ذلك أن صرح أحد رؤساء الوزارة البريطانية، منذ سنين قليلة من فوق المنبر، بأن الحكمة الربانية قضت علانية بأن تحكم إنكلترة في العالم، وقبل ذلك بقليل كانت هذه الحكمة الربانية قد فوضت إلى ألمانيا تمثيل هذا الدور كما قال إمبراطورها.
ومع أن تأثير العزائم الربانية الموجهة لسير العالم لا يزال حيا في حياة الأمم، يزول بالتدريج أمام الجبرية التي تبصر في الضرورة ما يسير الأمور من روح.
وبما أن التاريخ ليس علما، بل مركب من علوم مختلفة، فإن مبدأه يختلف بين جيل وجيل بحكم الضرورة، وتتضمن فلسفته الحاضرة بفضل مبتكرات العلوم بعض المبادئ الجوهرية في تطور العالم وطبيعة الإنسان، وهكذا حملنا على درس موضوعات لا ترى في كتب التاريخ عادة، وإن كانت أسسه الحقيقية. •••
وإلى دور حديث نسبيا - ما دام لا يفصلنا عنه غير قرن ونصف قرن تقريبا - كانت معارفنا فيما خلا منطقة الرياضيات والفلك لا تجاوز على الإطلاق ما يعلمه أرسطو تلميذه الملكي الإسكندر منذ ألفي عام، فكان يعد الهواء والنار والتراب والماء دائما عناصر مكونة للعالم، وكان لا يخطر ببال أمر الكهربا والبخار وجميع القوى التي تسيطر على النشاط الحديث، وكان يظل مجهولا عالم الكمية الصغرى، وكان يبقى غير معروف أمر الموجودات التي ظهرت على الكرة الأرضية قبل الإنسان، وألوف ما قبل التاريخ من السنين التي مضت قبل فجر الحضارات. وكانت الكتب الدينية تبسط تاريخ كرتنا تبسيطا عظيما، فتقول مؤكدة إن إلها قادرا أخرج الأرض منذ ستة آلاف سنة فقط من العدم بغتة مع جميع الموجودات التي تسكنها، وكان الفلاسفة يجهلون وحشية جيل الكهوف، فيعجبون بكمال المجتمعات الفطرية الخيالي، وكان نظريو الثورة الفرنسية يزعمون إعادتهم العالم بعنف إلى دور السعادة الوهمية ذلك.
بدد العلم جميع هذه الأوهام، وجدد تجديدا تاما أفكارنا حول أصل الأرض والبشر، وحول حوادث الحياة وتطورها، وحول قرابة الإنسان من الحيوان وأصلهما المشترك. •••
وسرعة تحول الأفكار العجيبة من خصائص الجيل الحاضر؛ فتولد هذه الأفكار وتنمو وتدور وتموت بسرعة خارقة للعادة، وتلاحظ هذه الدورة في جميع حقول المعرفة.
وفي علم الحياة تترك مبادئ تحول الموجودات بتطور مستمر بعد أن كانت تؤثر في عالم العلم تأثيرا عميقا منذ نصف قرن تقريبا، ويحل محلها مبدأ التحولات المفاجئة.
وظهرت التحولات في الفيزياء أبعد مدى، فقد أصبحت ذرة قدماء الفزيويين الجامدة نظاما شمسيا مصغرا، ويخسر الأثير، الذي عد عنصرا جوهريا لنقل النور، وجوده، وتستبدل به مؤقتا معادلات لا تظهر شيئا من الجوهر الذي يصلح سندا لها.
ناپیژندل شوی مخ
وتحول علم الفلك الثابت تحولا عظيما، فبعد أن كان يعتقد بلوغه حدود الأشياء يظهر اليوم خلف هذا الكون المحدود ألوف العوالم البالغة الاتساع. •••
ومن أهم اكتشافات العلم الحديث إقامة مبدأ التقلب مقام مبدأ الثبات، وقد خسرت الأرض والموجودات التي تسكنها ثباتهما الموهوم، وهما يمثلان مباني تخرب وتتجدد، وأبدي تقلب العالم الدائم هذا من سنن وجوده الأساسية.
ولم تكن التحولات في التاريخ بالغة ذلك العمق، ولكنه إذا ما نفذ في منطقة الأسباب المظلمة ظهر أن أسباب الحوادث الحقيقية تختلف كثيرا عن التفاسير الوهمية التي عدت عقائد قرونا طويلة.
ومع ذلك لا يمكن أن يطالب التاريخ بضبط كالذي أخذت العلوم تحققه. وإذا ما نظر إلى طبيعة ذكائنا وجد أننا لا نبصر هذا العلم إلا على شكل حوادث منفردة، ولا يمكنه أن يدرك على وجه يختلف عن ذلك إلا من قبل ذكاء يكون من السمو ما يبصر معه كل حادث تاريخي، محاطا بسلسلة من العلل التي أوجدته، ومن النتائج التي عقبته، وبما أن دماغنا لم يكون لإدراك مثل هذا المجموع فإنه لا بد من التسليم بإدراك نبذ من الأمور. •••
وجد التاريخ بترجيعات من الروح البشرية متأثرة بعوامل شتى، غير أن طبيعة هذه الروح لا تكاد تكون معروفة حتى الآن، ولم يوفق علم النفس - الذي هو أساس جوهري لمعرفة التاريخ - لغير إيضاح داراتها حتى الآن.
ومن بين النتائج التي أوجبت تحويل إدراكنا للتاريخ يجب أن يذكر على الخصوص إدراك الحياة الباطنية التي بحث فيها علم النفس الحديث.
ومع أن هذا العلم لا يزال ابتدائيا إلى الغاية فإنه يساعد بالتدريج على تغيير الآراء التي عدت حقائق فيما مضى.
ومما كشفه هذ العلم كون اللاشعوري الموروث أو المكتسب يعين عوامل السير غالبا، وكون القوى الدينية والعاطفية، التي هي أعلى من القوى العقلية، تهيمن على هذه المنطقة المظلمة، وكون الوحدة الذاتية ليست غير أمر ظاهر، فهي تنشأ عن تراكيب موقتة تجهزنا بذاتيات متعاقبة يسيطر كل واحد منها تبعا للحوادث، وهكذا يكون ثبات الذاتيات مرتبطا في ثبات البيئة.
ويدل علم النفس أيضا على أن خطأ الحكم في الحوادث التاريخية ينشأ على العموم عن كونه يعزى إليها تكوين عقلي، مع أنها تنشأ عن عوامل عاطفية ودينية خاصة بكل أمة، عن هذه العوامل التي يظل العقل غير مؤثر فيها، وعلى أن المعتقدات الدينية والمعتقدات السياسية ذات الصبغة الدينية لا تقوم على العقول، وعلى أن النفسية الجمعية تختلف عن الذاتيات التي تتألف منها اختلافا تاما، فلا يكون للعوامل المؤثرة في الكائن المنفرد أي تأثير في عين الفرد عندما يكون جزءا من زمرة لوقت ما، وعلى أن الأغاليط التي عدت حقائق مثلت في حياة الشعوب دورا يجاوز أحيانا دور الحقائق الأكثر استقرارا.
وإذا عدوت قصة الحقائق التي تؤلف ناحية الحضارات المادية وجدت التاريخ يشتمل كذلك على دراسة الأوهام الدينية والسياسية التي وجهتها، وما فتئ تأثير هذه الأشباح العظيمة يكون وطيدا في العالم الحديث كما في العالم القديم، وقد قلبت إمبراطوريات قوية، وستقلب أخرى لا ريب، إيجادا لها أو قضاء عليها.
ناپیژندل شوی مخ
ولا ينبغي لتقدم العقل أن يحمل على نسيان شأن الأوهام البالغ في حياة الأمم، فالأوهام قد أوجدت آمالا معزية ومنحت الإنسان قوة سير لم يؤد إليها أي عامل عقلي، وهكذا ظهر غير الحقيقي موجبا كبيرا للحقيقي. •••
وإذا لم تكن فلسفة التاريخ غير آخر فصل لفلسفة الكون العامة فإننا انتهينا إلى عرض سريع لبعض المبادئ الجديدة التي يسمح تقدم العلوم بصوغها.
وإننا، بدلا من عزل الإنسان عن الماضي العظيم الذي هو إزهار له، ربطناه بمجموع الموجودات التي سبقته في سيارتنا، فأظهرنا أن العالم المعدني والعالم النباتي والعالم الحيواني مراحل متعاقبة لمجموع واسع، فمادة الأزمنة الأولى الجامدة، التي هي تكاثف بسيط للطاقة، تحولت تحولا بطيئا، وبانتقالات غير محسوسة، إلى مادة حية، وإلى مادة مفكرة في آخر الأمر.
وبيان مثل هذا كان ضروريا لعرض التحولات العميقة التي تتم في الفكر البشري حول مبادئ عدت خالدة فيما مضى، فكانت تصلح أسسا لتفسير التاريخ.
وربما أنني لا أستطيع أن أبين في هذا الكتاب جميع عناصر فلسفة التاريخ فإنني أرد دراسته إلى الأقسام الأربعة الآتية، وهي: (1)
مباحث علمية مؤدية إلى تغيير الأفكار القديمة، حول حوادث الحياة وأصل الإنسان وتطور العناصر التي تكون منها، تغييرا تاما. (2)
مبادئ متعاقبة للمؤرخين حول مختلف وقائع التاريخ. (3)
مناهج تصلح لتمثل حوادث الماضي وعللها. (4)
مباحث في شأن عوامل التاريخ العظيمة، كالمعتقدات الدينية والسياسية والمؤثرات الاقتصادية، إلخ، وحول تقلبات الذاتية.
وإنا إذ ندرس الفرضيات التي يسوغ العلم صوغها حول القوى المبدعة للكون وحول أصل العالم وعدم ثباته، وطبيعة الإنسان وحوادث الحياة، وأصل نشاط الموجودات والحياة الغريزية، إلخ، نبصر المذاهب القديمة التي عاشت الروح بها حتى الآن فازدهرت مناوبة، ثم استبدلت بها مبادئ جديدة تماما.
ناپیژندل شوی مخ
والتاريخ إذ يقوم على هذه الأسس العلمية ينطوي على فائدة غير منتظرة، فهو يعرض مركبا لجميع المعارف حول الكون والإنسان، وهكذا نساعد على وضع فلسفة للطبيعة، ومن ثم للتاريخ، تختلف عن الفلسفات التي سبقتها اختلافا تاما.
الباب الأول
فلسفة الكون الحاضرة
تقلب العالم وتطوره
الفصل الأول
القوى المبدعة
طبيعة الإنسان وحدود معارفنا الحاضرة
تعاني المبادئ الأساسية التي تغذى بها الفكر البشري زمنا طويلا، وذلك حول أصل العالم وطبيعة الإنسان وقوى الكون المبدعة، تحولات تامة، وإذ كان اكتساب معارف علمية جديدة حول هذه الموضوعات يؤدي - على وجه غير مباشر - إلى تحولات مهمة في مبادئنا التاريخية، فإننا نلخص بعض هذه المبادئ في بضع كلمات، فنقول:
إن أول هذه المبادئ القديمة التي قضى عليها العلم هو ما كان خاصا بخلق العالم، والعالم هو ما أخرجه مختلف الأديان من العدم طوعا بإرادة خالق.
وعنعنات متماثلة لدى جميع الأمم كانت تقول كذلك بأن الإنسان خلق خلقا خاصا فصل به عن الموجودات الأخرى فصلا صريحا، وذلك أن خالقا قادرا أنعم عليه بالعقل مع روح خالدة، وأن الموجودات الأخرى لم تحز غير غرائز آلية لتسير في الحياة.
ناپیژندل شوی مخ
والعلم بعد أن أقصى الأرض إلى المرتبة الوضيعة التي تشغلها في العالم لم يعتم أن ربط الإنسان بسلسلة الموجودات الطويلة التي سبقته.
وقد عقبت نظرية التطور بالتحولات المتعاقبة قديم الأفكار حول التكوين، ذاهبة من مكروب الأجيال الأولى حتى الإنسان، وهكذا حل مبدأ التقلب محل مبدأ الثبات القديم بالتدريج.
وكانت الموجودات الأولى قد كونت من خليات بسيطة صغيرة إلى الغاية مشابهة للمكروبات الحاضرة، وهي لم تلبث أن أدت إلى نباتات أكثر تعقيدا، ثم إلى حيوانات مختلفة كالزحافات والأسماك التي كان بعضها من الضخامة والقوة ما يبيد معه الأخرى، وكان لملوك الخلق المؤقتين هؤلاء وجود ذو ديمومة بالغة الطول أحيانا، ولكن من غير أن تمتد امتدادا مطلقا، وإذا نظر إلى الأرقام التي قدمها مدير المتحف مسيو إ. بيير وجد: «أن العقارب وكلاب البحر تثبت نحو اثني عشر مليون سنة، وأن الخنافس البحرية الكبيرة ترتقي في خمسة عشر مليون سنة ثم تضمحل، وأن خنافس الدقيق أبيدت في آخر الأمر من قبل أصداف أخرى تعرف بالبلمنيت.»
وتلوح آلاف سني الحضارة الثمانية قصيرة الأمد بجانب مثل تلك الأرقام.
وظهر من المباحث الأخرى أنه يجب أن يضاف ما بين خمسين ألف سنة ومائة ألف سنة على الأقل تعرف بما قبل التاريخ، إلى ما بين ثمانية آلاف سنة وعشرة آلاف سنة تعرف بسني التاريخ.
وكان لا بد للإنسان من جميع ذلك الزمن حتى يتخلص ببطء من العالم الحيواني الذي خرج منه، وبما أنه كان يجهل الزراعة والمعادن في ذلك الدور، وبما أنه كان لا يملك من الأسلحة غير قطع من الصوان منحوتة نحتا غليظا، وبما أنه لم يكن له من المساكن غير المغاور، فقد رسم مبادئ عظمته القادمة رسما خفيفا. •••
شكل 1-1: آلات المؤلف التي يقاس بها تقلب الذاتيات البيولوجية المطابقة لتحول الذاتيات النفسية.
شكل 1-2: مزيج من فن البناء يدل على تأثير العروق الأجنبية، ميدان بهات غاؤن، التقط المؤلف صورته في أثناء رياده نيبال، تدل هذه المباني على المؤثرات الصينية أول وهلة.
وعلى الرغم من جميع الاكتشافات لا تزال توجد - كما يلوح - هوة لا تملأ بين الحيوان والإنسان، ولا بد من أن تقطع مسافة جديدة من الفكر ليعرف هل يختلفان ذكاء، ويقوم هذا التفاوت على مقدار هذا الذكاء لا على طبيعته.
وفي العلم الحديث أن الإنسان عاد لا يكون غير آخر حد لسلسلة طويلة من الموجودات التي ظهرت قبله، وهو إذا كان يفوقها في منطقة الحياة العقلية بقي مساويا لها في منطقة الحياة العضوية، وهو لا يمتاز منها إلا قليلا في منطقة الحياة العاطفية كما نذكر ذلك في فصل آت.
ناپیژندل شوی مخ
وتلوح الفروق العقلية التي تفصل الإنسان عن الحيوان واسعة عند مقابلتنا بين المتمدن والحيوانات التي بقيت ضمن دوائر التطور الأدنى، وتزول الفروق أو تخف على الأقل إذا لم يقابل بين الحيوانات والإنسان الحاضر، بل بينها وبين أجداده الذين عاشوا في الكهوف قرونا طويلة، وذلك في وسط ذوات الثدي التي كانوا لا يمتازون منها إلا قليلا.
ويلوح أن المجتمعات الابتدائية التي تألفت من أجدادنا الفطريين لم تكن حائزة لبنية أرقى كثيرا من البنية التي أظهرتها المباحث الحديثة في مختلف مجتمعات الحيوان.
والعلم، بعد أن أهمل دراستها زمنا طويلا، انتهى إلى اكتشافه فيها بنيات محكمة جدا وسننا خلقية وثيقة إلى الغاية، وبعض القابليات التي تنم على أوجه من الذكاء كان الإنسان يجهلها فيدعوها بالغريزة عن عدم إيضاح للأمر، ولا يبدو كثير من مجتمعات الحيوان أدنى من بعض العشائر الابتدائية، كعشائر إفريقية الوسطى مثلا.
وكانت الهوة التي افترضت بين مجتمعات الإنسان ومجتمعات الحيوان تنشأ، إذن، عن نقص الملاحظة فقط. •••
كانت المبادئ القديمة عن خلق العالم وطبيعة الإنسان تشتق من المعتقد العام لدى جميع الأمم وفي جميع أدوار تاريخها، القائل إن الأرض والبشرية كانتا تسيران من قبل موجودات علوية مسيطرة على الكون.
وفي أيامنا انتهى الفكر الديني والفكر العلمي إلى اتباع اتجاهين مختلفين اختلافا بينا، ففي المبادئ التقليدية يوجه العالم دائما آلهة مهيمنون مجيرون، وفي المبادئ العلمية استبدل بهؤلاء الآلهة الشخصيين قوى غير شخصية يمكن تذليلها.
وكثير من المشاهدات يثبت أن التقلب والتحول كانا شرطين ضروريين لجميع عناصر الكون، بدءا من الصخرة التي كان يلوح تحديها لسير الأزمان حتى النجوم الساطعة التي تتلألأ ليلا، فالطبيعة لا تعرف السكون، وما كان الموت نفسه ليضع حدا لما يعانيه جميع الموجودات من تحولات مستمرة تعد شروطا أساسية لتطورها، وكان الموت إذا ما نظر إليه علميا، أي إذا ما قطع النظر عن المعتقدات الدينية، يلوح فيما مضى فناء نهائيا، ويصبح الموت شكلا جديدا للحياة إذا ما نظر إلى النظريات الجديدة التي تعد الشخصية مجموعة من الذاتيات الموروثة عن الأجداد. •••
والكون - كما يتمثله العلم في الوقت الحاضر - يلوح مؤلفا من سلسلة ضرورات تعين تطور الموجودات والحوادث.
وشأن الوجوب كعنصر مبدع يبدو في جميع حوادث الطبيعة.
ومع ذلك فإن هذا المبدأ الحديث لا يطابق مبدأ القدر القديم مطلقا، وإنما يعني أن كل حادثة معينة ببعض العلل تعيينا وثيقا فقط.
ناپیژندل شوی مخ
ويتحول الفحم الأسود إلى ألماس ساطع بحكم الضرورة إذا ما ظهر بعض شروط البيئة، ويصبح الماء مائعا أو جامدا أو بخارا بفعل بعض العوامل الثابتة.
ومع ذلك فإن مبدأ الوجوب هذا لا يتضمن تبسيطا للحوادث، وفي الحقيقة أن تفسيرها أكثر تعقيدا مما في الزمن الذي كانت الحكمة الربانية تقدم فيه إيضاحا شاملا للأشياء.
والعلم، إذ يعجز عن الإبداع، يستطيع فقط أن ينظم الضرورات التي تعين حدوث الموجودات أو الأشياء، وهكذا يعالج أمر الحرارة والكهربا والحياة من غير أن يعرف شيئا عن طبيعتها، وأما عن الإيضاحات فيقتصر العلم على القول:
إن الحرارة قوة مجهولة في جوهرها قادرة على تمديد الأجسام، فتقاس بدرجة هذا التمدد، وإن الثقل قوة مجهولة في جوهرها قادرة على جذب الأجسام، فيقاس بطاقة هذا الجذب، وإن الكهربا قوة مجهولة في جوهرها، قادرة على إحداث بعض النتائج الضيائية الحارة، إلخ، فتقاس أيضا بشدة هذه النتائج، فهذه المشاهدات تدل على حد معارفنا، ولا يزال حقل العلل مغلقا. •••
وكان علم الهيئة لا يحصي غير بضعة آلاف من الكواكب في الفلك، فاكتشف الملايين منها، ويزيد هذا العدد كل يوم بزيادة إتقان مناهج الرصد، وتدفع حدود الكون إلى الوراء دائما، والآن يجب أن يفترض الكون بلا حدود، أي بلا أول ولا آخر.
وهل العالم مسير بجبرية مطلقة ملخصة بفرضية لبلاس القائلة: يستطيع ذكاء كاف أن يقرأ في السديم جميع الحوادث المتعاقبة في التاريخ؟ لا مناص من السير كما لو كانت هذه الفرضية غير موجودة وإن أثبتت.
والنجوم إذ تعاني سنة التطور التي تقضي على كل شيء بالتحول، تواجه أطوارا من النشوء بحكم الضرورة متفاوتة إلى الغاية، ومنذ الآن يلوح على ما يحتمل كون الموجودات التي تسكن سطحها، قد جاوزت أيضا أدوار نشوء متفاوتة، ولا ريب في أنه يوجد بينها من ذكاؤه بالنسبة إلى ذكاء الإنسان كذكاء الإنسان بالنسبة إلى ذكاء الحشرة.
وبما أن السلطان المطلق من خصائص العلم المطلق فإنه يجب أن تكون قدرة تلك الموجودات غير محدودة، وبما أنها تستطيع أن تطلع على الماضي بسهولة كالتي تطلع بها على المستقبل، فإنها تحوز معارف لا نكاد نبصر مداها.
ففي سر تلك المناطق البعيدة، الذي لا يدرك، يمكن الإيمان الديني في أيامنا أن يضع الآلهة الذين لم تستغن الروح البشرية عنهم قط.
الفصل الثاني
ناپیژندل شوی مخ
حوادث الحياة وأشكال الذكاء المجهولة
ليس للتاريخ أن يعنى ببنية الموجودات التي يسجل أعمالها، ومع ذلك فإن من المفيد أن تبين باختصار طبيعة معارفنا عن حوادث الحياة والفكر التي يشتق منها جميع الأفعال البشرية وتفسيرها.
ومن العادة ألا تدرس ظواهر الحياة إلا في الحيوانات والنباتات، كأن المولد المعدني يبقى خارج دائرة الحياة.
وما كان هذا التمييز ليستمر بفضل تقدم العلم.
ألفت الحياة من جملة ترديدات يعد بعضها - كالحاسية - مشتركا بين جميع الموجودات من الحجر حتى البشر، على حين لا يشاهد بعض آخر منها - كالفكر - في غير الموجودات العليا.
والحاسية هي أبسط حوادث الحياة وأعمها، فهي موجودة في كل مادة، وقد أثبتت الملاحظات الدقيقة أن الأجسام البالغة الصلابة الفاقدة الحس ظاهرا، كقضيب الفولاذ مثلا، تردد بفعل ارتفاع الحر جزءا من مليون درجة، أي الحرارة التي تحدثها شمعة موضوعة على مسافة عشرة آلاف متر.
وحاسية المادة هي نتيجة ملاءمة سريعة لتقلبات البيئة التي تحيط بها، فعين الجسم يكتسب تحت مختلف تقلبات البيئة شكلا مائعا أو غازيا أو بلوريا أو غرويا ليلائم العوامل الخارجية.
وكذلك يمكن أن تعد مظهرا حيويا للمادة حركة الجزيئات المركبة منها الذرات التي تؤلفها، فكل ذرة تتألف مع صغرها الذي لا حد له من جزيئات تدور حول مركز كما تدور السيارات حول الشمس، وتلوح القطعة المؤلفة من صخرة غير متغيرة، وهي كذلك في مجموعها لوقت معين في الحقيقة، ولكن لا من حيث الأجزاء التي تتركب منها ما دامت تتأثر بأدنى تقلبات الجو.
1 •••
ويعرض العالم النباتي في الحال الابتدائية - وهو أعلى من العالم المعدني ببعض الترددات - حوادث يتجلى تركيبها في العالم الحيواني فقط، وهذا الاختلاف في الدرجة هو أصل الفرق بين العالم المعدني والعالم الحي.
ناپیژندل شوی مخ