تعيين معنى الكلمات في دراسة التاريخ
عدم التفاهم بين مختلف النفسيات من أهم عوامل الصراع التي تملأ التاريخ، وهو فضلا عن ذلك يجعل إدراك الماضي أمرا صعبا، ولعدم التفاهم ذلك سببان مهمان، وهما: اختلاف الأمزجة النفسية، واختلاف اللغات.
وإذ يوجد لكل أمة كما لكل فرد استعداد مختلف للتقبل، فإن الكلمات نفسها والحوادث نفسها توجب فيهم ردود فعل متباينة.
والأمم يتبع بعضها بعضا من الناحية الصناعية والتجارية، على حين يوجد بينها من الفروق النفسية التي لا سلطان لها عليها، ما يفصل بعضها عن بعض لزمن طويل.
ولا نصل إلى فهم خلق الأمم ذات المزاج النفسي القريب من مزاجنا إلا بعد عناء كبير، فإذا ما نظر إلى العروق المختلفة عنا كثيرا: كالزنوج، والصينيين، إلخ، وجد من المتعذر أن ينفذ إلى مشاعرها وأفكارها.
ويضاف إلى عدم التفاهم الناشئ عن الفروق بين أمزجة الأمم: عدم التفاهم الناشئ عن تطور معنى الكلمات في غضون الأجيال، فالكلمات تعاني السنة العامة التي تحمل جميع عناصر الطبيعة على التغيير، ولا جرم أنها تبقى مع الزمن، غير أن معنى مجموع الألفاظ المجردة يختلف باختلاف الأزمان.
وحينما نعتقد أننا نترجم من اللغات القديمة لم نصنع في الغالب غير استبدالنا بفكرنا الحديث فكرة كان يعبر عنها بكلمات تغير مضمونها تغيرا بطيئا مع الأجيال.
وكانت هذه التفاسير الناقصة مصدر خطأ كثير، ومن ذلك أن ساقت رجال الثورة الفرنسية إلى مبادئ بالغة الخطأ حول نظم العالم القديم، فلم تكن عند المبدعين الذين كانوا يعتقدون أنهم يستوحون مبادئ اليونان ورومة، مستشهدين في خطبهم دائما بليكورغ وسولون وأفلاطون وبلوتارك، إلخ، أية فكرة صحيحة عن النظم المعبر عنها بألفاظ تغير معناها تغيرا أساسيا.
ومما يلقي الدهش في نفوس هؤلاء المصلحين لو كانوا يطلعون على الأمر القائل إن الجمهوريات اليونانية كانت على العكس من خيالهم الديموقراطي، ما كانت قائمة على أليغارشيات
1
ناپیژندل شوی مخ