بحثونه په اخلاقي فلسفه کې
مباحث في فلسفة الأخلاق
ژانرونه
وأما فيزمان، صاحب نظرية «اتصال المادة الأولية للحياة»، وأحد الذين رفضوا ما ارتآه دارون، فيرى أن ما في الإنسان من خصائص ومميزات يتمثل في صورة ذرات غاية في الدقة في خلاياه التناسلية يطلق عليها اسم «المحددات أو المعينات»، كما يطلق على مجموعها اسم «المادة الأولى للحياة»، وهذه الجراثيم أو المحددات لها منبع لا يغيض، وحين التلقيح تتحد بعض معينات الأب بأخرى من معينات الأم فيكون من ذلك نواة الجنين.
إلى هنا يتبين مدى الفرق بين هاتين النظريتين؛ ففي الأولى تتولد مادة التلقيح من خلايا الجسم العامة، وفي الثانية نرى أن تلك المادة متصلة مدى الحياة متوارثة بين طبقات النسل، لا دخل لخلايا الجسم العامة في تكوينها.
والآن وقد عرفنا رأي «دارون» و«فيزمان» في الوراثة وحقيقتها، يجب أن نعرف رأي العلم الحديث فيها. (د) حقيقة الوراثة
أثبت لنا علم تكوين الأجنة أن في نواة كل من خلايا التناسل في الذكر والأنثى عددا كبيرا من الألياف، وأن هذه الألياف هي حاملة العوامل الوراثية، وفيها تتمثل خصائص الشخص، وأنه عند عملية التلقيح تتحد خلية من خلايا الذكر التناسلية بأخرى من الأنثى، بعد أن تكون كل منهما قد انقسمت، ويصحب ذلك طبعا تخلصها من نصف ما كان فيها من الألياف. ويكون وليد ذلك الاتحاد النواة التي يتكون منها الجنين والتي تحتوي على خصائص الجنس والأبوين، وكثير من صفات الأسرة وعاداتها وميولها، ثم تنمو على نظام محكم حتى تصل إلى ما قدره الله لها من كمال.
هذا ما يقوله العلم الحديث، ومنه نرى أن «فيزمان» قد أصاب الحق فيما ذهب إليه، فهذه الألياف ليست شيئا آخر غير ما أطلق عليه اسم «المعينات أو المحددات»، والمادة الجرثومية أو مادة التناسل لا تفرزها خلايا الجسم - كما يقول «دارون» - بل هي مادة مستقلة تتكاثر من نفسها، وتستمر مدى الحياة، كما يحدثنا «فيزمان» في نظريته.
على أنه يجب قبل الانتقال لبحث جديد أن نذكر أن الطفل، وقد تكون من معينات من الأم والأب، ليس من المحتم أن يظهر فيه حتى بعد أن يكمل نموه كل صفات والديه في صورة فعلية، بل قد يظهر بعضها ويكمن البعض الآخر حتى تحين لها الفرصة فتظهر في إحدى طبقات نسله القريبة أو البعيدة؛ جاء في ذيل «تاريخ بغداد» لابن النجار في ترجمة علي بن نصر الفقيه أنه قال ما معناه: زوجت أحد غلمان عضد الدولة بن بويه صبية في جوارنا فولدت له ولدا استحيت أن تريه له، فشكا إلي ذلك، فذهبت إليها فأسرت لي والدتها أن ولده أبلق، أي أنه من رأسه إلى سرته أبيض، وبقية بدنه أسود، فلما سمع التركي قولها «أبلق» صاح: «ابني ابني! وهكذا كان جدي في بلاد الترك.» (ه) ماذا تنقله الوراثة؟
ليس الواحد منا إلا أداة اتصال بين الماضين والآتين، فهو سجل تاريخي نعرف منه كيف كان الأسلاف والأجداد، وينقل ما هو مطبوع فيه من الصفات الوراثية إلى خلفه، بذلك تحفظ خصائص النوع البشري، والمميزات القومية التي لكل أمة، حتى يرث الله الأرض ومن عليها. (1)
ينتقل بالوراثة كثير من الصفات الجسمية كالطول والقصر والنحافة والغلظ ولون الجسم والشعر والأعين مثلا. وكما تنتقل بها هذه الصفات الجسدية العادية، تنتقل الأوصاف الشاذة الراجعة لعيوب التكوين. هذا «دارون» العلامة في العلوم الطبيعية يقول في ذلك ما نصه:
إذا كان من المقرر أن الاختلافات حتى أكثرها شذوذا والتي لا تنطبق على جنس معلوم، كنقص بعض الأصابع والأظفار أو زيادتها وكالجهر وتشقق الجلد وغيرها، تنتقل في النسل بحرص؛ فكم بالحري ينبغي أن يكون كذلك في الاختلافات العادية التي يصح عليها جليا ناموس الوراثة؟!
14
ناپیژندل شوی مخ