مرضنا، ولا لنا ميل إلى ملك ولدك، ولا أن نؤذيك في فلذة كبدك. وأخذ في إقامة عذره، بما حصل في حقّه وحقّ خوجداشيّته في علوّ قدرهم وقدره. وأخبرها بما ذكره كوندك من أخذ / ٢١ أ / إقطاعاتهم، والعزم على اعتقالهم مع خلوص طاعاتهم. وأنّ رجوعه عن ملتقاهم أكّد عندهم صحّة ذلك، وسلك هو في سوء الظنّ مسالك وأيّ مسالك. وإنّا أقمنا هذه المدّة على أن يستدرك الفارط بملتقانا فما استدرك. ثم وسيّرنا إليه هذا الأمير ركن الدين أباجي الحاجب بشروط يحلف عليها فما حلف والشرط أملك. وبالجملة، فها نحن مقيمون بهذه المنزلة، إلى غد آخر النهار لتعودي إليه بشروطنا، وهي: إنّ من كان أميرا من مماليك والده يخرج ويمشي مع الأمراء، ومن كان مقدّما يمشي مع المقدّمين، ومن كان مفرديا يمشي مع المفاردة، ونحن نتولاّ (^١) وظائف خدمته بنفوسنا وأولادنا. فالتزمت لهم ذلك، والتفتت إلى مولانا السلطان وقالت: يا بي لر (^٢) كان الشهيد - تعني الملك الظاهر ﵀ قد أوصاني بأنّه إذا حصلتم في ضائقة تقولي لفلان - تعنيه - بأمارة ما كنّا داخلين الروم وأخرجت له من عبّي جوجكنانه (^٣). وقلت له: هذه مخبّية (^٤) لك في عبّي منذ يومين / ٢١ ب / فهو يساعدكم.
فقال لها مولانا السلطان: أمارة صحيحة إلاّ ما أساعدكم على نفسي، وقطع خبزي وحبسي.
وعادت فأخبرت ولدها بشروطهم فوافق، إلاّ أنّ مماليك أبيه لم يوافقوا، وكادوا أن يقيموا فتنة، والفتنة أكبر من القتل، وإليها تسابقوا.
وأمّا مولانا السلطان ومن معه فإنّه وفى بشرط الإقامة إلى أن فات وقتها ورحل، وعن تلك المنزلة إلى أخواتها انتقل (^٥).
ذكر ما اعتمد ممّا لم يتمّ
وفي غضون (توجّه) (^٦) مولانا السلطان قاصدا مصر بلغ الملك السعيد أنّ
_________
(^١) الصواب: «نتولّى».
(^٢) هكذا والمراد: القائد، والرئيس.
(^٣) جوجكنانه: صرّة صغيرة تشبه الحجاب معلّقة بالرقبة تحت الثياب.
(^٤) هكذا بالعامّيّة.
(^٥) أنظر الخبر في السلوك ج ١ ق ٢/ ٦٥٢، والدرّة الزكية ٢٢٨.
(^٦) كتبت فوق السطر.
1 / 45