رسالته) أي إن لم تبلغ بعض ماأمرت بتبليغه من الرسالة فحكمك حكم من لم يبلغ شيئًا منها فانظر هذا التخويف العظيم لأشرف خلقه وأكملهم معرفةً به فكان خوفه على قدر معرفته ولهذا كان يسمع لصدره ﵊ أزيز أي غليان كأزيز المرجل من خوف الله وقد شهد مولانا جلا وعلا لسيدنا ومولانا محمد بكمال التبليغ فقال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا). وقال تعالى ﴿لاإكراه في الدين قد تبين الرضد من الغي﴾ وقال تعالى ﴿فتول عنهم فماأنت بملوم﴾ إلى غير ماآية قوله أوخانوا إلخ: أشار به إلى برهان الوصف الثالث وهو وجوب الأمانة لهم عليهم الصلاة والسلام فذكر أنهم لو إنتفى عنهم وصف الأمانة فوصفوا بضدها وهو الخيانة بفعل محرم أومكروه لانقلب ذلك طاعةً فنؤمن نحن بفعل ذلك لوجوب الاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم ولايأمر الله تعالى بمحرم ولامكروه فقوله أوخانوا عطف على انتفى وقوله حتم إلخ جواب عن المسألتين والمنهي عنه في المسألة الأولى خصوص معصية الكتمان وفي الثانية محرم ومكروه وإنما قال طاعةً لهم ولم يقل طاعةً ومباحًا بل اقتصر على الطاعة إشارةً إلى أن أفعالهم عليهم الصلاة والسلام وإن كانت دائرة بين الواجب والمندوب والمباح بحسب النظر إلى الفعل من حيث ذاته فهي بحسب العارض من حيث النية دائرة بين الواجب والمندوب لاغير لأن المباح لايقع منهم عليهم الصلاة والسلام بمقتضى الشهوة ونحوها كما يقع من غيرهم بل لايقع منهم إلا مصاحبًا لنية يضير بها قربة وأقل ذلك أن يقصدوا به التشريع للغير وذلك من باب التعليم وناهيك بمنزلة قربه التعليم وعظيم فضلها وإذا كان أدنى الأولياء يصل إلى رتبة تصير معها مباحاته كلها طاعات بحسن النية في تناولها فمابالك بخيرة الله من خلقه وهم أنبياؤه ورسله عليهم الصلاة والسلام فلذا اقتصر الناظم على مايقتضي الاختصاص بالواجب والمندوب وهو الطاعة. قال في الكبرى فصل وإذا علم صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام بدلالة المعجزة وجب تصديقهم في كل ماأتوا به عن الله تعالى ويستحيل عليهم الكذب عقلًا والمعاصي شرعًا لأنا مأمورون بالإقتداء بهم فلو جازت عليهم المعصية لكنا مأمورين بها (قل إن الله لايأمر بالفحشاء) وبهذا تعرف عدم وقوع المكروه منهم أيضًا بل والمباح على الوجه الذي يقع من غيرهم وبالله التوفيق.
1 / 69