جماعة وادعى أنه رسول هذا الملك فطالبوه بالحجة فقال هي أن يخالف الملك عادته ويقوم عن سريره ويقعد ثلاث مرات مثلًا ففعل ولاشك أن هذا الفعل من الملك على سبيل الإجابة للرسول تصديق له ومفيد للعلم الضروري بصدقه بلاارتياب ونازل منزلة قوله صدق هذا الإنسان في كل مايبلغ عني ولافرق في حصول العلم الضروري بصدق ذلك الرسول بين من شاهد ذلك الفعل من الملك أو لم يشاهده إلا أنه يبلغه بالتواتر خبر ذلك الفعل ولاشك في مطابقة هذا المثال لحال الرسل عليهم الصلاة والسلام فلايرتاب في صدقهم إلا من طبع على قلبه اهـ وقد أطال في العقيدة الوسطى في هذا المثال جدًا وساقه مساقًا حسنًا فراجعه إن شئت. وقول الناظم صدق هذا العبد إلخ هو محكي القول وبر بتشديد الراء أي صدق ويوقف عليه في النظم بالتخفيف للوزن وفاعله يعود على الله تعالى والجملة خالية من الضمير المضاف إليه القول لاقتضاء المضاف عمله على تقدير قد أي صدق تعالى في تصديقه لهم بالمعجزة إذ تصديقهم خبر على وفق العلم فلايكون إلا صدقًا كما مر وفي المشارق بعدأن ذكر أن بر بمعنى صدق وسمي الله تعالى نفسه برًا قيل معناه خالق البر وقيل العطوف على عباده المحسن إليهم اهـ وظاهر قوله في كل خبر أن المعجزة دليل على صدقهم عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به عن الله تعالى وغيره وهو كذلك لكن ماأخبروا به عن الله تعالى دلالة المعجزة على الصدق فيه بالمطابقة وأماغيره فبالالتزام كذا قيل وعبارة الشيخ في الوسطى والصغرى وصغراها ظاهرة في أن دلالة المعجزة على الصدق خاصة بماأخبروا به عن الله تعالى وعليه فدليل صدقهم في غير ماأخبروا به عن الله تعالى إنما يؤخذ من وجوب الأمانة لاغير. قوله لو انتفى التبليغ أو خانوا البيت أي لو انتفى عن الرسل عليهم الصلاة والسلام وصف التبليغ بأن كتموا شيئًا مماأمروا بتبليغه لصار الكتمان طاعةً فنكون مأمورين بأن نقتدي بهم في ذلك لأن الله تعالى أمر بالاقتداء بهم في أقوالهم وأفعالهم فنكتم نحن أيضًا بعض ماأوجب الله علينا تبليغه من العلم النافع لمن اضطر إليه وهذا معنى انقلاب المنهي عنه الذي هو الكتمان طاعة كيف وهو محرم ملعون فاعله. قال الله تعالى ﴿إن الذين يكتمون ماأنزلنا من البينات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون﴾ وكيف يتصور وقوع ذلك منهم ﵊ ومولانا جل وعز يقول لسيدنا ومولانا محمد (ياأيها الرسول بلغ ماأنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت
1 / 68