قال: وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله، فقد علمت أنه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة، أو يرفع له ذكرا، وحتى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلا رفعة وسموا، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه، وكلما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة، أدركته عيون كثيرة.
وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها، كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ، وله اقتفى، وعلى مثاله احتذى). انتهى ما نقلته من ابن أبي الحديد رحمه الله.
وغاية ما يمكن أن أقوله هنا: إن قلمي ولساني لعاجزان ومقصران عن إيفاء الإمام علي عليه السلام حقه، ولو بضرب من الاختصار والإيجاز، لكنني أقتطف نبذة يسيرة من فضائلهعليه السلام صاغها قلم العلامة المجتهد محمد بن إسماعيل الأمير رحمه الله في كتابه الروضة الندية في شرح التحفة العلوية ص392-410، حيث قال ما لفظه:
وكفاه كونه للمصطفى .... ثانيا في كل ذكر وصفيا
قوله: (وكفاه): أي كفاه شرفا وفخرا أنه يذكر ثانيا وتاليا لذكره صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه صفي ومختار لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله وسلم لما تقدم من إكرامه.
مخ ۷