إن الحديث عن فضائل ومناقب وخصائص الإمام علي بن أبي طالبعليه السلام يطول ويطول جدا، إذ أنها جمة كثيرة وشهيرة، وليس في وسع الباحث أو الكاتب ضبط ذلك وإحصاؤه في مثل هذه العجالة، إذ أنه يحتاج في رقمه إلى مجلدات كبار، وتلك المناقب والفضائل قد اشتهرت بين الخاص والعام عند جميع المسلمين ومنذ العهد النبوي وبزوغ فجر الدعوة، على صاحبها وآله أفضل الصلوات والتسليم، فظهرت على الآفاق، وطارت كل مطار، وطفحت بذكرها المئات من المؤلفات والمصنفات، وتداولها الناس جيلا فجيل، وخلفا عن سلف، بين أوساط جميع المذاهب الإسلامية، وحسبك معرفة أنك لا تجد مذهبا من مذاهب المسلمين، إلا وقد ظهر من بين أبناءه من ألف وصنف في ذلك الباب، فعمرت المكتبة الإسلامية بالمئات من المصنفات الحافلة.
قال ابن أبي الحديد في كتابه (شرح نهج البلاغة)1/16-17، تحت عنوان: القول في نسب أمير المؤمنين علي عليه السلام، وذكر لمع يسيرة من فضائله ما لفظه: (فأما فضائله عليه السلام؛ فإنها قد بلغت من العظم والجلالة، والانتشار والاشتهار مبلغا يسمج معه التعرض لذكرها، والتصدي لتفصيلها، فصارت كما قال أبو العيناء لعبد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد: رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر والقمر الزاهر، الذي لا يخفى على الناظر، فأيقنت أني حيث انتهى بي القول منسوب إلى العجز، مقصر عن الغاية، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.
مخ ۶