فإن قلت: قد قالوا في مسائل كثيرة إن الماء يصير كله غير طهور بمجرد استعمال بعضه، وربما صرحوا بفساده، ومن المعلوم أن الملاقي للبدن مقدار يسير بالنسبة إلى الباقي منه. ولا يخفى أن ذلك ظاهر في أن الماء يصير كله مستعملا.
فالجواب أن هذه المسائل التي يفهم منها ما ذكر مبنية على القول بنجاسة الماء المستعمل. ومن المعلوم أن ملاقاة النجس الماء القليل يقتضي نجاسته، وإطلاقات الفقهاء في الغالب مقيدة بقيود، يعرفها صاحب الفهم المستقيم الممارس للفن. وإنما يسكتون عنها اعتمادا على صحة فهم الطالب.
قال العلامة المحقق الراسخ كمال الدين بن الهمام في ((شرح الهداية)) نقلا عن الأئمة: حوضان صغيران، يخرج الماء من أحدهما ويدخل في الآخر، فتوضأ في خلال ذلك جاز، لأنه جار. وكذا إذا قطع الجاري من فوق وقد بقي جري الماء كان جائزا أن يتوضأ بما يجري في النهر.
مخ ۱۷